اللّباب في علوم الكتاب [ ج ٣ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في اللّباب في علوم الكتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

وقال الحسن : «جميع عباد الله» (١).

قال القاضي : «دلّت الآية على أنّ هذا الكتمان من الكبائر لأنّه تعالى أوجب فيه اللّعن(٢).

قوله تعالى : (إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(١٦٠)

في الاستثناء وجهان :

أحدهما : أن يكون متّصلا ، والمستثنى منه هو الضّمير في «يلعنهم».

والثاني : أن يكون منقطعا ؛ لأنّ الّذين كتموا ، لعنوا قبل أن يتوبوا. وإنّما جاء الاستثناء ؛ لبيان قبول التّوبة ؛ لأنّ قوما من الكاتمين لم يلعنوا ، نقل ذلك أبو البقاء (٣).

قال بعضهم : «وليس بشيء».

فصل

اعلم أنّه تعالى لمّا بيّن عظيم الوعيد ، فكان يجوز أن يتوهّم أنّ الوعيد يلحقهم على كلّ حال ، فبيّن تعالى أنّهم إذا تابوا ، تغيّر حكمهم ، ودخلوا في أهل الوعد. والتّوبة عبارة عن النّدم على فعل القبيح لقبحه ، لا لغرض سواه ؛ لأنّ من لم يردّ الوديعة ، ثم ندم للوم الناس وذمّهم ، أو لإنّ الحاكم ردّ شهادته لم يكن تائبا ، وكذلك ، لو عزم على ردّ الودائع والقيام بالواجبات ؛ لكي تقبل شهادته أو يمدح بالثّناء عليه ، لم يكن تائبا وهذا معنى الإخلاص في التوبة ثم بيّن تعالى أنه لا بدّ له بعد التوبة من إصلاح ما أفسده مثلا ، لو أفسد على رجل دينه بإيراد شبهة عليه ، يلزمه إزالة تلك الشّبهة ، ثمّ بيّن بأنه يجب عليه بعد ذلك أن يفعل ضدّ الكتمان ، وهو البيان بقوله «وبيّنوا» فدلّت الآية على أنّ التّوبة لا تحصل إلّا بترك كلّ ما ينبغي.

وقيل : بيّنوا توبتهم وصلاحهم. قال ابن الخطيب (٤) : قالت المعتزلة : الآية تدلّ على أنّ التّوبة عن بعض المعاصي مع الإصرار على البعض لا تصحّ ؛ لأن قوله «وأصلحوا» عامّ في الكلّ.

والجواب : أنّ اللفظ المطلق يكفي في صدقه حصول فرد واحد من أفراده.

وقوله : (أَتُوبُ عَلَيْهِمْ) أتجاوز عنهم ، وأقبل توبتهم. (وَأَنَا التَّوَّابُ) الرّجّاع بقلوب عبادي المنصرفة عنّي إليّ ، القابل لتوبة كلّ ذي توبة ، الرحيم بهم بعد إقبالهم عليّ.

__________________

(١) ينظر تفسير البغوي : ١ / ١٣٤.

(٢) ينظر تفسير الفخر الرازي : ٤ / ١٥٠.

(٣) ينظر الإملاء : ١ / ٧١.

(٤) ينظر تفسير الفخر الرازي : ٤ / ١٥٠.