٤١٥٣ ـ فعلى إثرهم تساقط نفسي |
|
حسرات وذكرهم لي سقام (١) |
وكون «كلاكل وصدور» حال قول (٢) سيبويه (٣). وجعلهما المبرّد تمييزين منقولين من الفاعلية(٤). والحسرة شدة الحزن على ما فات من الأمر. ثم قال : (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ) أي الله عالم بفعلهم (٥) يجازيهم على ما يصنعونه ، ثم عاد إلى البيان وقال : (اللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) وهبوب الرياح دليل ظاهر على الفاعل المختار ، لأن الهواء قد يسكن وقد يتحرك وعند حركته قد يتحرك إلى اليمين وقد يتحرك إلى الشمال وفي حركاته المختلفة قد ينشىء السّحاب وقد لا ينشىء. فهذه الاختلافات دليل على مسخّر مدبّر مؤثّر مقدّر (٦).
قوله : «فتثير» عطف على «أرسل» لأن «أرسل» بمعنى المستقبل فلذلك عطف عليه وأتى بأرسل لتحقّق وقوعه. و «تثير» لتصور الحال واستحضار الصورة البديعة كقوله : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) [الحج : ٦٣] وكقول تأبّط شرّا :
٤١٥٤ ـ ألا من مبلغ فتيان فهم |
|
بما لاقيت عند رحامطان |
بأنّي قد رأيت الغول تهوي |
|
بسهب كالصّحيفة صحصحان |
فقلت لها كلانا نضو أرض |
|
أخو سفر فخل لي مكاني |
فشدّت شدّة نحوي فأهوت |
|
لها كفّي بمصقول يماني |
فأضربها بلا دهش فخرّت |
|
صريعا لليدين وللجران (٧) |
__________________
(١) من الخفيف وهو مما جهل قائله. و «تساقط» أصلها تتساقط فحذفت إحدى التاءين تخفيفا. والشاهد هنا معنوي أن نفسه هلكت حسرة على هؤلاء الأحبة. ومن الإمكان أن نعتبر الشاهد لفظي كسابقه حيث يجيء «حسرات» حال من «نفسي» مبالغة ، وانظر : الكشاف ٣ / ٣٠١ وشرح شواهده ١٨ والقرطبي ١٤ / ٣٢٦ ، والبحر المحيط ٧ / ٣٠١ ، والدر المصون ٤ / ٤٦٦.
(٢) في «ب» ، قال بالفعلية وليس المراد.
(٣) قال : «فإنما هو على قوله : ذهب قدما وذهب آخرا» الكتاب ١ / ١٦٢.
(٤) قال : «ولا أرى نصب هذا إلا على التبيين ؛ لأن التبيين إنما هو بالأسماء فهو الذي أراه». المقتضب ٣ / ٢٧٢ وهو يعني بالتبيين التمييز ونقل التمييز أي ذهبت كلاكلها وصدورها.
(٥) في «ب» بفعالهم.
(٦) تفسير الرازي ٢٦ / ٧.
(٧) أبيات من الوافر له و «فهم» قبيلة عربية و «رحامطان» مكان و «السّهب» الفضاء الشاسع من الأرض و «الصحصحان» المستوي. والنضو : الدابة الهزيلة من كثرة السفر. والمصقول : السيف والجران مقدم عنق البعير من مذبحه إلى منحره. والشاهد في «فأضربها» حيث عبر بلفظ المستقبل تحققا لوقوعه وأنه واثق في النصر فقصد الصورة الماضية في الذهن. وانظر : الكشاف ٣ / ٣٠٢ والبحر ٧ / ٣٠٢ وكذلك القرطبي ١٤ / ٣٢٧ والمثل السائر ٦٩ ومعجم البلدان «رحامطان» وشرح شواهد الكشاف ٥٥٧.