الثاني : أنه معطوف على «بيض».
الثالث : أنه معطوف على «جدد» (١) ، قال الزمخشري : معطوف على بيض (أ) (٢) وعلى «جدد» كأنه قيل : ومن الجبال مخطّط ذو جدد ومنها ما هو على لون واحد. ثم قال : ولا بد من تقدير حذف مضاف في قوله : (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) بمعنى ومن الجبال ذو جدد بيض وحمر وسود حتى يؤول إلى قولك : ومن الجبال مختلف ألوانها» (٣) ، كما قال (ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها)(٤). ولم يذكر بعد غرابيب سود (مختلفا ألوانها) كما ذكر ذلك بعد «بيض وحمر» ، لأن الغربيب هو البالغ في السواد فصار لونا واحدا غير متفاوت بخلاف ما تقدم.
وغرابيب : جمع غربيب وهو الأسود المتناهي في السواد (٥).
فهو تابع للأسود كقان (٦) وناصع (٧) وناضر (٨) ويقق (٩) ، فمن ثم زعم بعضهم أنه في نية التأخير (١٠). ومن مذهب هؤلاء أنه يجوز تقديم الصفة على موصوفها وأنشدوا :
٤١٥٩ ـ والمؤمن العائذات الطّير يمسحها |
|
..........(١١) |
__________________
(١) رأي الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٠٧.
(٢) الهمزة سقطت من «ب». وهي في الكشاف.
(٣) المرجع السابق.
(٤) المرجع السابق.
(٥) قال في اللسان غرب ٣٢٣٠ : «وأسود غرابي وغربيب شديد السواد ، والغربيب ضرب من العنب بالطائف شديد السواد وهو أرقّ العنب وأجوده وأشده سوادا». وانظر : معاني القرآن للزجاج ٤ / ٢٦٩ ، وغريب القرآن لابن قتيبة ٣٦١ ومجاز القرآن لأبي عبيدة ٢ / ١٥٤.
(٦) من قولهم : «أحمر قان» أي شديد الحمرة. وفي الحديث : «حتّى قنا لونها» أي احمرّ. اللسان «ق ن ا» ٣٧٦٢.
(٧) النّاصع والنّصيع البالغ من الألوان الخالص منها الصافي أي لون كان وأكثر ما يقال في البياض وأبيض ناصع ويقق وأصفر ناصع بالغوا به كما قالوا أسود حالك. اللسان : «ن ص ع» ٤٤٤٢.
(٨) يقال : أخضر ناضر كما يقال : أبيض ناصع وأصفر فاقع وقد يبالغ بالناضر في كل لون يقال : أحمر ناضر. اللسان «ن ض ر» ٤٤٥٤.
(٩) قال : أبيض يقق ويقق شديد البياض ناصعه. وفي الحديث : ولفّه في بيضاء كأنّها اليقق. اللسان : «ي ق ق» ٤٩٦٤.
(١٠) قال أبو عبيدة في المجاز : «مقدم ومؤخر لأنه يقال : أسود غربيب». المجاز ٢ / ١٥٤.
(١١) صدر بيت من بحر البسيط عجزه :
.......... |
|
ركبان مكّة بين الغيل والسّعد |
والنابغة قائله. والمؤمن الله ـ عزوجل ـ والغيل والسعد الشجر الملتف ، والعائذات التي عاذت بالحرم والشاهد هنا : «العائذات الطير» فقدم على الموصوف وهو «الطير» صفته وهي «العائذات» على زعم الزمخشري وتابعيه. وانظر : الكشاف ٣ / ٣٠٧ وشرح شواهده ٣٨٥ وشرح الكافية للرّضي ١ / ٣١٧ و ٣١٨ وابن يعيش ٣ / ١١ والخزانة ٥ / ٧١ ـ ٧٣ والدر المصون ٤ / ٤٧٩ والديوان (٢٥).