النباتات لا تنبت (١) ببعض البلاد كالزّعفران فقال تعالى : اختلاف البقاع ليس إلا بإرادة الله (تعالى) (٢) وإلا فلم صار بعض الجبال فيه مواضع حمر ومواضع بيض.
فإن قيل : الواو في (وَمِنَ الْجِبالِ) ما تقديرها؟ فنقول : هي تحتمل وجهين :
أحدهما : أن تكون للاستئناف كأنه تعالى قال : أخرجنا بالماء ثمرات مختلفة الألوان وفي الجبال (٣) جدد بيض دالة على القدرة الرادة على من (٤) ينكر الإرادة في اختلاف ألوان (٥) الثمار.
ثانيهما : أن تكون للعطف والتقدير وخلق من الجبال جدد «بيض».
قال الزمخشري : أراد ذو جدد.
الثالثة (٦) : ذكر الجبال ولم يذكر الآية في (الأرض) كما قال في موضع آخر : (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) [الرعد : ٤] مع أن هذا الدليل مثل ذلك وذلك لأن الله تعالى لما ذكر في الأول : (فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ) كان نفس إخراج الثّمار (٧) دليلا على القدرة. ثم زاد عليه بيانا وقال : «مختلفا» كذلك في الجبال في نفسها دليل القدرة (٨) والإرادة لكن كون الجبل في بعض نواحي الأرض دون بعضها وكون بعضها أخفض وبعضها أرفع دليل القدرة والاختيار. ثم زاد بيانا وقال : (جُدَدٌ بِيضٌ) أي دلالتها بنفسها هي دالة باختلاف ألوانها كما أن إخراج الثّمرات في نفسها دلائل واختلاف ألوانها دليل.
الرابع : قوله : (مُخْتَلِفاً (٩) أَلْوانُها) الظاهر أن الاختلاف راجع إلى كل لون أي بيض مختلف ألوانها وحمر مختلف ألوانها لأن الأبيض قد يكون على لون الجصّ وقد يكون على لون التّراب الأبيض وبالجملة فالأبيض تتفاوت درجاته في البياض وكذلك الأحمر تتفاوت درجاته في الحمرة ولو كان المراد البيض والحمر مختلف الألوان لكان لمجرد التأكيد والأول أولى. وعلى هذا ذكر (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها) في البيض والحمر وأخر «السود الغرابيب» لأن الأسود لما ذكره مع المؤكد وهو الغربيب يكون بالغا غاية السواد فلا يكون فيه اختلاف.
قوله : (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ) استدلال آخر على قدرة الله وإرادته فكان تعالى قسم الدلائل دلائل الخلق في هذا العالم وهو عالم المركبات قسمين حيوان وغير
__________________
(١) كذا هي في «أ» هنا والفخر. وما في (ب) ينبت بصيغة التذكير.
(٢) زيادة عن (أ) والفخر أيضا.
(٣) في «الفخر» وفي الأشياء الكائنات من الجبال جدد بيض.
(٤) وفيه «رادة على من ينكر الإرادة».
(٥) زيادة عن (أ) وعن الفخر أيضا. وانظر تفسير الرازي ٢٦ / ٢٠.
(٦) أي اللطيفة الثالثة.
(٧) كذا هي هنا وفي «ب» الثمرات.
(٨) في الفخر : دليلا على القدرة.
(٩) في الفخر : مختلف بالرفع.