هذا إذا جعلنا «إذا» ظرفا محضا ، فإن جعلناه شرطا كان جوابها مقدرا أي تبعثون وهو العامل في «إذا» عند جمهور (١) النحاة. وجوّز الزجاج أن تكون معمولة لمزّقتم (٢) ، وجعله ابن عطية خطأ وإفسادا للمعنى(٣) ، قال أبو حيان : وليس بخطأ ولا إفساد (٤).
وقد اختلف في العامل في «إذا» الشرطية ، والصحيح أن العامل فيها فعل الشرط كأخواتها من أسماء الشرط (٥). وقال شهاب الدين : والجمهور على خلافه (٦) ، ثم قال أبو حيان : والجملة الشرطية تحتمل أن تكون معمولة «لينبّئكم» لأنه في معنى : يقول لكم إذا مزقتم (٧) تبعثون ، ثم أكد ذلك بقوله: (إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) ويحتمل أن يكون : (إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ)(٨) معلقا «لينبّئكم» سادّا مسد المفعولين ولو لا اللام لفتحت «أن» وعلى هذا فجملة الشرط اعتراض ، وقد منع قوم التعليق في «اعلم» وبابها والصحيح جوازه (٩) ، قال :
٤١٠٨ ـ حذار فقد نبّئت إنّك للّذي |
|
ستجزى بما تسعى فتسعد أو تشقى (١٠) |
وقرأ زيد بن عليّ بإبدال الهمزة ياء (١١) ، وعنه ينبئكم من «أنبأ» كأكرم (١٢) و «ممزّق» فيه وجهان :
أحدهما : أنه اسم «مصدر» (١٣) وهو قياس كلّ ما زاد على الثلاث أن يجيء مصدره وزمانه ومكانه على زنة اسم مفعوله أي كلّ تمزيق (١٤).
والثاني : أنه ظرف مكان ، قاله الزمخشري (١٥) ، أي كل تمزيق (١٦) من القبور وبطون
__________________
(١) قاله أبو حيان في البحر المحيط ٧ / ٢٥٩ والسمين في الدر المصون ٤ / ٤١١.
(٢) قال ذلك في إعراب القرآن ٤ / ٣٣٣ وقد نقل رأي أبي إسحاق الزجاج كما سبق وانظر رأي الزجاج في كتابه معاني القرآن ٤ / ٢٤١.
(٣) البحر المحيط ٧ / ٢٥٩.
(٤) المرجع السابق.
(٥) وهو قول المحققين فتكون بمنزلة متى وحيثما ، وأيّان.
انظر : الهمع ٢ / ٦٤ ، والمغني ٩٦ «إذا».
(٦) انظر : الدر المصون ٤ / ٤١٢.
(٧) في البحر مزقتم كل ممزق.
(٨) وفيه : خلق جديد.
(٩) بالمعنى والتقديم والتأخير من كلام أبي حيان ٧ / ٣٥٩.
(١٠) البيت مجهول القائل وهو من بحر الطويل ، وحذار : اسم فعل أمر بمعنى احذر ، ونبّئت : أخبرت وهو فعل ونائب فاعل. والشاهد : تعليق الفعل «نبّئت» عن الجملة «إنك للذي» باللام ولذا كسرت «إن» وهذا شاهد على تعليق «اعلم» وبابها ، البحر المحيط ٧ / ٢٥٩ والدر المصون ٤ / ٤١٢ ، والهمع ١ / ١٥٨ والتصريح ١ / ٢٦٦.
(١١) أتى بهذه القراءة أبو حيان في البحر المحيط ٧ / ٢٥٩ والدر المصون ٤ / ٤١٢.
(١٢) المرجعان السابقان وانظر : شواذ القرآن ١٩٦.
(١٣) ويريد به المصدر الميمي الذي يبدأ بميم وهو يجيء من فعل ثلاثي وغير ثلاثي كما هو معروف.
(١٤) وانظر المرجعين السابقين أيضا.
(١٥) الكشاف ٣ / ٢٨٠.
(١٦) قال : «فإن قلت قد جعلت الممزق مصدرا كبيت الكتاب :
ألم تعلمي مسرحي القوافي ـ