وهو المراد بقوله : «أو على المدح» (١). وهو في المعنى كالرفع على خبر ابتداء مضمر. و «تنزيل» مصدر مضاف لفاعله (٢).
وقيل : هو بمعنى منزّل (٣). وقرأ أبو حيوة واليزيدي وأبو جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة تنزيل بالجر(٤) على النعت للقرآن أو البدل منه (٥) ، كأن قال : والقرآن الحكيم تنزيل العزيز الرحيم إنك لمن المرسلين.
وقوله : (الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) إشارة إلى أن الملك إذا أرسل فالمرسل إليهم إما أن يخالفوا المرسل ويعينوا المرسل ، وحينئذ لا يقدر الملك على الانتقام منهم إلا إذا كان عزيزا ، أو يخافوا المرسل ويكرموا المرسل وحينئذ يرحمهم الملك. أو يقال : المرسل يكون معه في رسالته منع عن أشياء وإطلاق لأشياء والمنع يؤكده العزة والإطلاق يدل على الرحمة (٦).
قوله : «لتنذر» يجوز أن يتعلق ب «تنزيل» (٧) أو بمعنى المرسلين يعني بإضمار فعل يدل عليه هذا اللفظ أي أرسلناك لتنذر.
قوله : (ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) يجوز أن تكون «ما» هذه بمعنى الذي (٨) ، وأن تكون نكرة موصوفة والعائد (٩) على الوجهين مقّدر (١٠).
أي ما أنذره آباؤهم فتكون ما وصلتها أو وصفتها في محل نصب مفعولا ثانيا لقوله : «لتنذر» كقوله : (إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً) [النبأ : ٤٠] أو التقدير لتنذر قوما الذي أنذره آباؤهم من العذاب ، أو لتنذر قوما عذابا أنذره آباؤهم (١١).
ويجوز أن تكون مصدرية (١٢) أي إنذار آبائهم أي مثله. ويجوز أن تكون ما
__________________
(١) الكشاف ٣ / ٣١٤.
(٢) البيان ٢ / ٢١٠.
(٣) التبيان ١٠٧٨.
(٤) قراءة شاذة. انظر : البحر المحيط ٧ / ٣٢٣ ومختصر ابن خالويه ١٢٤.
(٥) النحاس ٤ / ٣٨٣ والبيان ٢ / ٢٩٠ والمشكل ٢ / ٢٢٢ والتبيان ١٠٧٨ والكشاف ٣ / ٣١٤ والبحر ٧ / ٣٢٣ والدر المصون ٤ / ٤٩٤ والقرطبي ١٥ / ٦ والرازي ٢٦ / ٤٠.
(٦) الرّازيّ ٢٦ / ٤٠.
(٧) قاله أبو البقاء في التّبيان ١٠٧٨ والسّمين في الدّر المصون ٤ / ٤٩٤ وأبو حيان في البحر المحيط ٧ / ٣٢٣.
(٨) نقله أبو حيان في المرجع السابق عن عكرمة ، كما نقله الزمخشري ٣ / ٣١٤ وأبو البقاء في التبيان ١٠٧٩ والفراء في معانيه ٢ / ٢٧٢ والنحاس في إعرابه ٣ / ٣٨٣ والزجاج في معانيه أيضا ٤ / ٢٧٨.
(٩) التبيان المرجع السابق وفي «ب» والفائدة تحريف.
(١٠) في «ب» تقدر تحريف أيضا.
(١١) الدر المصون ٤ / ٤٩٥.
(١٢) البيان ٢ / ٢٩١ ومشكل إعراب القرآن ٢ / ٢٢٢ وهو قول عكرمة انظر : الدر المصون ٤ / ٤٩٥.