(الصلاة (١) و) السلام : «من سنّ في الإسلام سنّة حسنة فعمل بها من بعده كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، ومن سنّ في الإسلام سنّة سيّئة فعمل بها من بعده كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا» (٢) وقيل : نكتب آثارهم أي خطاهم إلى المسجد (٣) ؛ لما روي أبو سعيد الخدري قال : شكت بنو سلمة بعد منازلهم من المسجد فأنزل الله : (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) فقال ـ عليه (الصّلاة و) السلام ـ : «إنّ الله يكتب خطواتكم ويثيبكم عليه» (٤). وقال ـ عليه (الصّلاة و) السّلام ـ : «أعظم النّاس أجرا في الصّلاة أبعدهم ممشى والّذي ينتظر الصّلاة حتّى يصلّيها مع الإمام أعظم أجرا من الّذي يصلّي ثمّ ينام» (٥) فإن قيل : الكتابة قبل الإحياء فكيف أخر في الذكر حيث قال : («نحيي») (٦) و «نكتب» ولم يقل : نكتب ما قدّموا ونحييهم؟.
فالجواب : أن الكتابة معظمة ، لا من الإحياء ، لأن الإحياء إن لم يكن للحساب (٧) لا يعظم ، والكتابة في نفسها إن لم تكن إحياء وإعادة لا يبقى لها أثر أصلا والإحياء هو المعتبر ، والكتابة مؤكدة معظمة لأمره فلهذا قدم الإحياء. (و) (٨) لأنه تعالى قال : (إِنَّا نَحْنُ) وذلك يفيد العظمة والجبروت ، والإحياء العظيم يختص بالله ، والكتابة دونه تقرير العريف الأمر العظيم وذلك مما يعظم ذلك الأمر العظيم.
قوله : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ) العامة على نصب «كل» على الاشتغال (٩). وأبو السّمّال قرأه مرفوعا بالابتداء (١٠) والأرجح قراءة العامة ، لعطف جملة الاشتغال على جملة فعلية (١١).
__________________
(١) زيادات من «ب».
(٢) رواه مسلم في صحيحه ٨ / ٦١ عن جرير بن عبد الله من حديث طويل.
(٣) زاد المسير ٧ / ٩ والرازي ٢٦ / ٤٩.
(٤) الرازي السابق.
(٥) عن أبي موسى ، رواه البخاريّ في صحيحه ١ / ١٢٠.
(٦) سقط من «ب».
(٧) كذا في «أ» والرازي وما في «ب» المصاب.
(٨) سقط من «ب».
(٩) ذكرت في القرطبي ١٥ / ١٣ ومعاني الفراء ٢ / ٣٧٣ ومشكل الإعراب ٢ / ٢٢٢ والتبيان ٨١٥ و ١٠٧٩ والبيان ٢ / ٢٩١ وإعراب القرآن للنّحاس ٣ / ٣٨٦ والبحر المحيط ٧ / ٣٢٥ والدر المصون ٤ / ٤٩٩.
والكل رجح النصب.
(١٠) مختصر ابن خالويه ١٢٤ والبحر المحيط ٧ / ٣٢٥ وزاد المسير ٧ / ٩ بنسبتها إلى ابن السّميقع وابن أبي عبلة. وانظر : الكشاف أيضا ٣ / ٣٧٧ والقرطبي ١٥ / ١٣.
(١١) المراجع السابقة.