في شرح التسهيل في باب المصادر (١) أن مصدر «تطيّر وتدارأ» إذا أدغما وصار «اطّيّر وادّارأ» لا يجيء مصدرهما عليهما ، بل على أصلهما ، فيقال : اطّيّر تطيّرا ، وادّارأ تدارءا. ولكن هذه القراءة تردّه إن صحت. وهو بعيد (٢).
وقد روى غيره طيركم بياء ساكنة (٣). ويغلب على الظن أنها هذه. وإنما تصحفت على الراوي فحسبها مصدرا وظن أن ألف «قالوا» همزة وصل.
قوله : (أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ) قرأ السبعة (٤) بهمزة استفهام بعدها إن الشرطية وهم على أصولهم من التسهيل والتحقيق ، وإدخال ألف بين الهمزتين وعدمه في سورة (البقرة) (٥). واختلف سيبويه ويونس إذا اجتمع استفهام وشرط أيّها يجاب؟ فذهب سيبويه إلى إجابة الاستفهام ، ويونس إلى إجابة الشرط(٦).
فالتقدير عند سيبويه أئن ذكّرتم تتطيّرون وعند يونس تطيّروا (٧) مجزوما.
__________________
(١) قال : يصاغ المصدر من كل ماض أوله همزة وصل بكسر ثالثه وزيادة ألف قبل آخره ومن كل ماض أوله تاء المطاوعة أو شبهها بضم ما قبل آخره إن صح آخره وإلا خلف الضم الكسر. انظر : التسهيل باب مصادر غير الثلاثي ٢٠٦ وعبارته هنا مطلقة.
(٢) قال في شرحه على التسهيل : «أطلق في مكان التقييد ، لأنه ليس كل ماض أوله همزة وصل بكسر ثالثه مصدره وتزاد ألف قبل آخره ألا ترى أن تفاعل وتفعل إذا أدغمت فاؤهما في الطاء نحو تطيّر وتطاير فقيل : اطّيّر واطّاير يصدق على هذين أنهما فعلان أولهما همزة وصل ومع ذلك مصدرهما لا يكسر ثالثه ولا تزاد ألف قبل آخره بل يقال : اطّير يطّاير اطّايرا واطّيّر اطّيرا فكان ينبغي أن يقيد فيقول من كل ماض أوله همزة وصل ليس أصله تفاعل ولا تفعّل انظر : التّذييل ٦ / ١١٩.
(٣) ذكرها كثانية الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣١٨ كما ذكرها ابن خالويه في مختصره ١٢٥. وأجازه الإمام الفراء لغويّا في المعاني ٢ / ٣٧٤ ، بينما قال الزجاج : «ويجوز طيركم معكم» ، لأنه يقال : طائر وطير في معنى واحد. ولا أعلم أحدا قرأ ههنا طيركم بغير ألف. انظر معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٢٨٢.
(٤) الواقع أن فيها سبعة أوجه من القراءات ، فقرأ أهل المدينة أين ذكرتم بتخفيف الهمزة الثانية. وقرأ أهل الكوفة أأن بتحقيق الهمزتين. والثالث : آان بهمزتين بينهما ألف أدخلت الألف كراهة للجمع بين الهمزتين الرابع : أاان بهمزة بعدها ألف وبعد الألف همزة مخففة. والخامس : بهمزتين إلا أن الثانية همزة مخففة والسادس : أأن بهمزتين مفتوحتين. والسابع : أين ذكرتم بمعنى حيث. وانظر : إعراب النحاس ٣ / ٨٨ ومعاني الزجاج ٤ / ٢٨٢ والسبعة ٥٤٠ ومختصر ابن خالويه ١٢٥ ومعاني الفراء ٢ / ٣٧٤ والكشاف ٣ / ٣١٨ والنشر ٢ / ٣٥٣ والإتحاف ٣٦٤.
(٥) سقط من «ب» وهو يشير إلى قوله : «أَأَنْذَرْتَهُمْ» من الآية ٦ منها ؛ وانظر : اللباب ١ / ٢٧ ب.
(٦) عبارة الكتاب توحي بخلاف ما قاله المؤلف فقد قال : «وذلك نحو أإن تأتني آتك ولا تكتفي بمن لأنها حرف جزاء ومتى مثلها فمن ثم أدخل عليه الألف تقول : «أمتى تشتمني أشتمك» و «أمن يفعل ذلك أزره» وذلك لأنك أدخلت الألف على كلام قد عمل بعضه في بعض فلم يغيره. وأما يونس فيقول : «أئن تأتني آتيك» وهذا قبيح يكره في الجزاء وإن كان في الاستفهام» الكتاب ٣ / ٨٢ و ٨٣.
(٧) في «ب» تتطيروا بتاءين.