فالجواب للشرط على القولين محذوف.
وقد تقدم هذا في سورة الأنبياء (١). وقرأ أبو جعفر وطلحة وزرّ بهمزتين مفتوحتين (٢) ، إلّا أنّ زرّا لم يسهل الثانية ، كقوله (٣) :
٤١٧٢ ـ أإن كنت داود بن أحوى مرحّلا |
|
فلست براع لابن عمّك محرما (٤) |
وروي عن أبي عمرو وزرّ أيضا كذلك ، إلا أنهما فصلا بألف بين الهمزتين (٥). وقرأ الماجشون (٦) (بهمزة (٧)) واحدة مفتوحة (٨).
وتخرج هذه القراءات الثلاث على حذف لام العلة أي (أ) لأن ذكّرتم تطيّرتم ف «تطيرتم» هو المعلول ، وأن ذكرتم عليته. والاستفهام منسحب عليهما في قراءة الاستفهام. وفي غيرها يكون إخبارا بذلك. وقرأ الحسن بهمزة واحدة مكسورة (٩) وهي شرط من غير استفهام ، وجوابه محذوف أيضا. وقرأ الأعمش والهمدانيّ أين (١٠) بصيغة الظرف. وهي أين الشرطية وجوابها محذوف عند جمهور البصريين (١١) أي أين ذكرتم فطائركم معكم أو صحبتكم طائركم ، لدلالة ما تقدم من قوله : (طائِرُكُمْ مَعَكُمْ) ومن يجوز تقديم الجواب لا يحتاج إلى حذف (١٢).
__________________
(١) عند قوله : «أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ» ٣٤ منها. وقد نقل أبو حيان نفس المعنى في البحر المحيط حيث ذهب إلى أن إجابة الاستفهام مذهب سيبويه وإجابة الشرط مذهب يونس. انظر البحر ٧ / ٣٢٧.
(٢) من القراءات الشاذة ذكرها ابن خالويه في المختصر ١٢٥ والفراء في معانيه ٢ / ٣٧٤.
(٣) في «ب» لقوله.
(٤) من الطويل ، ولم أعرف قائله. وداود بن أحوى اسم رجل. والمرحل : نوع من الثياب والمحرم الحرمة يتنكر منه إساءته إليه. وفي البحر : «بداع» لا براع. وفي السمين : «مراع» واستبعدها للحن النحوي فيه وإن كانت الضرورة تبيح ذلك وعلى كلّ فلا تباعد بين الروايات فيه. والشاهد «أإن» حيث حقق الهمزتين معا وتحقق التنظير بالآية. انظر : البحر المحيط ٧ / ٣٢٧ والدر المصون ٤ / ٥٠٢.
(٥) من الشواذ أيضا انظر : البحر ٧ / ٣٢٧ ومختصر ابن خالويه ١٢٥.
(٦) يوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون وردت عنه الرواية في حروف القرآن مات سنة ١٨٥ ه انظر : طبقات القراء ٢ / ٣٢٧.
(٧) سقطت من «أ».
(٨) شاذة انظر : المحتسب ٢ / ٢٠٥ والبحر ٧ / ٣٢٧ والكشاف ٣ / ٣١٨.
(٩) شاذة أيضا انظر : الكشاف والبحر ومختصر ابن خالويه السابقين.
(١٠) شاذة أيضا وانظر المراجع السابقة والمحتسب ٢ / ٢٠٥.
(١١) وهذا ما قال به ابن جني حيث قال «أين هنا شرط وجوابها محذوف لدلالة «طائركم» عليه فكأنه : قال : أين ذكرتم أو أين وجدتم وجد شؤمكم معكم وهذا كقولك : سيفك معك أين حللت ، وكقولك : أنت ظالم إن فعلت» انظر : المحتسب ٢ / ٢٠٦.
(١٢) وهذا رأي الكوفيين والمبرد. انظر المقتضب لأبي العباس المبرد ٢ / ٦٦ ـ ٦٩.