فإنّهم قتلوا مؤمنا كان ينصحهم وأما الشهوة فلأنهم احتملوا العذاب الدائم بسبب استيفاء اللذات الخالية فإذن كانوا كالنار الموقدة لأنهم كانوا جبارين ومستكبرين كالنار ومن خلق منها (١). (فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) ميّتون. قال المفسرون : أخذ جبريل بعضادتي باب المدينة ثم صاح بهم صيحة واحدة فإذا هم خامدون ميتون.
قوله : (يا حَسْرَةً) العامة على نصبها. وفيه (٢) وجهان :
أحدهما : أنها منصوبة على المصدر والمنادى محذوف تقديره يا هؤلاء تحسّروا حسرة (٣).
والثاني : أنها منونة لأنها منادى منكر فنصبت على أصلها (٤) كقوله :
٤١٧٧ ـ فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغا |
|
نداماي من نجران أن لا تلاقيا (٥) |
ومعنى النداء هنا على المجاز ، كأنه قيل : هذا أوانك فاحضري. وقرأ قتادة وأبيّ (٦) ـ في أحد وجهيه ـ يا حسرة بالضم (٧) جعلها مقبلا عليها وأبيّ أيضا وابن عباس وعلي بن الحسين (يا حَسْرَةً العبَادِ) بالإضافة فيجوز أن تكون الحسرة مصدرا مضافا لفاعله أي يتحسّرون على غيرهم لما يرون من عذابهم وأن يكون مضافا لمفعوله أي يتحسّر عليهم (من) (٩) غيرهم (١٠). وقرأ أبو الزناد (١١) وابن هرمز(١٢) وابن جندب (١٣)(يا حَسْرَةً) بالهاء
__________________
(١) انظر : الفخر الرازي المرجع السابق.
(٢) في «ب» وفيها.
(٣) قاله أبو البقاء في التبيان ١٠٨١ ونقلت في الدر المصون ٤ / ٥٠٧.
(٤) قال بذلك مكي في المشكل ٢ / ٢٢٤ والنحاس في الإعراب ٣ / ٣٩١ وأبو البقاء في التبيان ١٠٨١ ، والزمخشري في الكشاف ٢ / ٣٢٠ والسمين في الدر المصون ٤ / ٥٠٧ والزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٢٨٤ وابن الأنباري في البيان ٢ / ٢٩٤ ولكنه جعلها على النداء الشبيه بالمضاف ؛ والفراء في المعاني ٢ / ٣٧٥ ومجيزا فيه الرفع.
(٥) من بحر الطويل لعبد يغوث بن أبي وقاص من قصيدة قالها وهو في الأسر. والشاهد «يا راكبا» حيث نصب المنادى لأنه نكرة غير مقصودة لأنه لم يقصد راكبا بعينه كقول الأعمى : يا رجلا خذ بيدي.
ونجران مكان لقبيلة. وعرضت : بلغت العروض وهي مكة والمدينة وما حولها. وقد تقدم.
(٦) ابن كعب الصحابي الأنصاري سيّد القراء انظر : غاية النهاية ١ / ٣١.
(٧) من الشواذ غير المتواتر ، وانظر : مختصر ابن خالويه ١٢٥ ، والبحر المحيط ٧ / ٣٣٢ ، والدر المصون ٤ / ٥٠٨.
(٨) الكشاف ٣ / ٣٢١ والبحر ٧ / ٣٣٢ والمحتسب ٢ / ٢٠٨ ومختصر ابن خالويه ١٢٥ ومعاني الفراء ٢ / ٣٧٥ وهي من الشواذ.
(٩) زيادة من «أ» لا معنى لها.
(١٠) وانظر : المحتسب ٢ / ٢٠٨ والدر المصون ٤ / ٥٠٨.
(١١) هو ابن ذكوان وقد ترجم له.
(١٢) هو عبد الرحمن بن هرمز أحد البصريين الأوائل أبو داود المدني تابعيّ جليل. أخذ عن أبي هريرة وابن عباس. مات سنة ١١٧ ه. انظر : طبقات القراء ١ / ٣٨١.
(١٣) مسلم بن جندب أبو عبد الله الهذلي. مولاهم القاصّ تابعي مشهور. عرض على ابن عباس بن أبي ـ