قوله : «وما عملت أيديهم» في «ما» هذه أربعة أوجه :
أحدها : أنها موصولة (١) أي ومن الذي عملته أيديهم من الغرس والمعالجة. وفيه تجوز (٢) على هذا.
والثاني : أنها نافية (٣) أي لم يعلموه هم بل الفاعل له هو الله سبحانه وتعالى ، أي وجدوها معمولة ولا صنع لهم فيها. وهو قول الضحاك ومقاتل. وقيل : أراد العيون والأنهار التي لم تعملها يد (٤) خلق مثل الدّجلة والفرات والنيل ونحوها. وقرأ الأخوان وأبو بكر بحذف الهاء (٥). والباقون : وما عملته بإثباتها. فإن كانت «ما» موصولة فعلى قراءة الأخوين وأبي بكر حذف العائد كما حذف في قوله : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) [الفرقان : ٤١] بالإجماع وعلى قراءة غيرهم جيء به على الأصل ، وإن كانت نافية فعلى قراءة الأخوين وأبي بكر لا ضمير مقدر ولكن المفعول محذوف أي ما عملت أيديهم شيئا من (٦) ذلك وعلى قراءة غيرهم الضمير يعود على «ثمره» وهي مرسومة بالهاء في غير مصاحف الكوفة وبحذفها فيما (٧) عداها ، فالأخوان (٨) وأبو بكر وافقوا مصاحفهم والباقون غير حفص وافقو (ها) (٩) أيضا وحفص خالف مصحفه وهذا يدل على أن القراءة متلقاة من أفواه الرجال فيكون عاصم قد أقرأها لأبي (بكر) (١٠) بالهاء ولحفص بدونها.
الثالث : أنها (١١) نكرة موصوفة (١٢) والكلام فيها كالكلام (١٣) في الموصولة.
والرابع : أنها مصدرية أي ومن عمل (١٤) أيديهم والمصدر واقع موقع المفعول
__________________
ـ وآخرين بضم الثاء «ثمره» والميم أيضا والباقون بالفتح. الإتحاف ٣٦٥ و ٢١٩ والكشاف ٣ / ٣٢١.
(١) قيلت في : «معاني القرآن وإعرابه» ٤ / ٢٨٦ ومعاني الفراء ٢ / ٣٧٧ والإعراب للنحاس ٣ / ٣٩٤ ومشكل الإعراب ٢ / ٢٢٦ والبيان للأنباري ٢ / ٢٩٥ والتبيان ١٠٨٢ والدر المصون ٤ / ٥١٦ والكشاف ٣ / ٣٢٢ والبحر ٧ / ٣٣٥.
(٢) يقصد المجاز المرسل الذي علاقته اعتبار ما سيكون كقوله : «إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً».
(٣) الكشاف والتبيان وبقية المراجع السابقة وانظر : القرطبي ١٥ / ٢٥.
(٤) في «ب» يدخلونها. تحريف.
(٥) زاد المسير ٧ / ١٦ والقرطبي ١٥ / ٢٥ والسبعة ٥٤٠ والإتحاف ٣٦٥ ومعاني الفراء ٢ / ٣٧٧.
(٦) ولم يرجّح ابن الأنباري هذا الوجه قال : «أن تكون نافية في قراءة من قرأ : «عملت» بغير هاء. والوجه الأول ـ يقصد الموصول ـ أوجه الوجهين ؛ لأنها إذا كانت نافية افتقرت إلى تقدير مفعول لعملت».
انظر : البيان ٢ / ٢٩٥.
(٧) قاله الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٢٢.
(٨) في «ب» لأن الأخوان. بتحريف نحويّ.
(٩) لفظ «ها» سقط من «ب».
(١٠) سقط من «ب» عجز المضاف إليه. وانظر : الدر المصون ٤ / ٥١٧.
(١١) في «ب» أنهما تحريف.
(١٢) التبيان لأبي البقاء ١٠٨٢ والسمين ٤ / ٥١٧.
(١٣) في كونهما في موضع جر عطفا على ثمره ويجوز أن يكون نصبا على موضع من ثمره.
(١٤) في «ب» أي وما عملت خطأ.