حبيش بالتخفيف (١) ، والمفعول محذوف على كلتا القراءتين أي ينبوعا كما في آية : (سُبْحانَ)(٢).
قوله : (مِنْ ثَمَرِهِ) قيل : الضمير عائد على النخيل ؛ لأنه أقرب مذكور وكان من حق الضمير أن يثنى (٣) على هذا لتقدم (٤) شيئين وهما الأعناب والنّخيل إلا أنه اكتفى بذكر أحدهما ، وقيل يعود (٥) على جنات وعاد بلفظ (٦) المفرد ذهابا بالضمير مذهب اسم الإشارة (٧) كقول رؤبة :
٤١٨١ ـ فيها خطوط من سواد وبلق |
|
كأنّه في الجلد توليع البهق (٨) |
فقيل له (٩) ، فقال : أردت كأن ذاك وتلك ، وقيل : عائد على الماء المدلول عليه بعيون (١٠). وقيل : بل عاد عليه لأنه مقدر أي من العيون. ويجوز أن يعود على العيون. ويعتذر عن إفراده بما تقدم في عوده على جنات ، ويجوز أن يعود على الأعناب والنخيل معا ويعتذر عنه بما تقدم (١١) أيضا. وقال الزمخشري وأصله من «ثمرنا» لقوله (١٢) : (وَفَجَّرْنا) و «أيدينا» (١٣) فنقل الكلام من التكلم إلى الغيبة على طريق الالتفات (١٤). والمعنى ليأكلوا مما خلقه الله من الثمر. فعلى هذا يكون الضمير عائدا على الله تعالى ولذلك فسر معناه بما ذكر (١٥) ، وتقدمت هذه القراءات في هذه اللفظ في سورة (١٦) الأنعام.
__________________
(١) ذكرها ابن خالويه في المختصر ١٢٥ وهي من الشواذ ، كما ذكرها الزّمخشريّ في كشافه بدون نسبة.
الكشاف ٣ / ٣٢١.
(٢) يشير إلى الآية ٩٠ من سورة الإسراء : حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً فينبوعا في الإسراء مفعول «لتفجر» المضارع الثلاثي.
(٣) في «ب» ينبني.
(٤) وفيها : التقدير بشيئين.
(٥) ذكر هذين الرأيين أبو حيان في البحر ٧ / ٣٣٥ والسمين في الدر ٤ / ٥١٥ والزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٢٢ وجعلها القرطبي عائدا على ماء العيون. القرطبي ٤٥ / ٢٤.
(٦) في «ب» لفظ.
(٧) المراجع السابقة.
(٨) من الرجز والبلق سواد وبياض في الجلد. والفعل منه بلق كفرح. والتّوليع استطالة البلق. وشاهده : وضع اسم الإشارة موضع الضمير. وقد نوقش رؤبة في هذا فقال : أردت كأن ذاك وقد تقدم.
(٩) في البحر المحيط : «كيف قلت : كأنه والذي تقدم خطوط فقال : أردت الخ ...» البحر ٧ / ٣٣٥ وثبت عن أبي عبيدة : فقلت لرؤبة : إن كانت خطوطا فقل : كأنها وإن كان سواد وبلق فقل : كأنهما. فقال :
كأن ذاك ويلك توليع البهق. اللسان : «ول ع» ٤٩١٧.
(١٠) نقله القرطبي ١٥ / ٢٥.
(١١) وانظر هذه الأقوال كلها في الدر المصون ٤ / ٥١٦.
(١٢) كذا هو الأصح من «ب» وما في «أ» كقوله.
(١٣) كذا في النسختين وما في الكشاف : «وجعلنا» بدلا من «أيدينا».
(١٤) الكشاف ٣ / ٣٢٢.
(١٥) قاله السمين في الدر المصون ٤ / ٥١٦.
(١٦) يشير إلى قوله : «كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ» الآية ١٤١. وقراءة حمزة والكسائي ـ