رفعت لتعطف جملة اسمية على مثلها وإن راعيت عجزها نصبت لتعطف فعلية على مثلها (١). وبهذه الآية يبطل (قول) (٢) الأخفش : إنه لا يجوز النصب (٣) في الاسم إلا إذا كان في جملة الاشتغال ضمير يعود على الاسم الذي تضمنته جملة ذات وجهين قال : لأن المعطوف على الخبر خبر فلا بد من ضمير يعود على المبتدأ فيجوز : «أزيد قام (٤) وعمرا أكرمته في داره» ولو لم يقل «في داره» لم يجز ووجه الردّ من هذه الآية أن أربعة (٥) من السبعة نصبوا وليس في جملة الاشتغال ضمير يعود على الشمس وقد أجمع على النصب في قوله تعالى : (وَالسَّماءَ رَفَعَها) [الرحمن : ٧] بعد قوله : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) [الرحمن : ٦].
قوله : «منازل» فيه أوجه :
أحدها : أنه مفعول ثان لأن «قدّرنا» بمعنى صيّرنا (٦).
الثاني : أنّه حال ولا بد من حذف مضاف قبل منازل تقديره : ذا منازل (٧) قال الزمخشري : لا بدّ من تقدير لفظ يتم به معنى الكلام ، لأن القمر لم يجعل نفسه منازل (٨).
الثالث : أنه ظرف أي قدرنا مسيره في منازل (٩). وتقدم نحوه أول يونس (١٠).
قوله : (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ) العامة على ضم العين والجيم. وفي وزنه وجهان :
أحدهما : أنه فعلول. فنونه أصلية وهذا هو المرجح (١١).
__________________
(١) الدر المصون ٤ / ٤١٨.
(٢) سقط من «ب».
(٣) نقل رأيه هذا ابن مالك في التسهيل ٨١ وقد وافق الأخفش صاحب المفصل وشارحه. انظر : شرح المفصل لابن يعيش ٢ / ٣٢ و ٣٣.
(٤) في «ب» وعمرو خطأ.
(٥) وهم : حمزة والكسائي وعاصم وابن عامر وهي القراءة المعهودة عندنا.
(٦) التبيان ١٠٨٣ والبيان ٢ / ٢٩٥ ومشكل الإعراب ٢ / ٢٢٦.
(٧) المشكل والبيان والتبيان السوابق.
(٨) الكشاف ٣ / ٣٢٣.
(٩) السابق.
(١٠) عند قوله : «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ» «الآية ٥». اللباب ٤ / ٢٠.
(١١) ووزن فعلول بضم الفاء واللام كثير في كلامهم جدا وقد ثبتت النون في الفعل الماضي فقالوا : عرجنه بالعصا ضربه وعرجنه : ضربه بالعرجون ، وعرجن الثوب : صوّر فيه صور العراجين وقال رؤبة :
في خدر ميّاس الدّمى معرجن
اللسان : «ع ر ج» ٢٨٧١ و ٢٨٧٢ وانظر : التبيان ١٠٨٣ وابن الأنباري ٢ / ٢٩٥.
وقد جوز أبو البقاء الوجهين الأصل والزيادة بينما اعترض ابن الأنباري فقال : «ولا يكون وزنه على فعلون ، لأنه ليس في كلامهم ما هو على فعلون. وقد زعم بعضهم أن وزنه على فعلون من الانعراج والنون زائدة كما قالوا : فرسن ووزنه فعلن من الفرس وليس في الكلام فعلن غيره».