يقال : عهد وعهد ، انتهى (١). يعني بكسر الميم (٢) والهمزة أن الأصل في هذه القراءة أن يكون كسر حرف المضارعة ثم نقل حركته إلى الميم فكسرت لا أن الكسر (٣) موجود في الميم وفي الهمزة لفظا إذ يلزم من ذلك قطع همزة الوصل وتحريك الميم من غير سبب ، وأما كسر الهاء فلما ذكر من أنه سمع في الماضي «عهد» بفتحها (٤). قوله : «سوى الياء» ـ وكذا قال الزمخشري (٥) ـ هو المشهور ، وقد نقل عن بعض كلب أنهم يكسرون الياء فيقولون : يعلم. وقال (٦) الزمخشري فيه : وقد جوز الزجاج أن يكون من باب : نعم ينعم وضرب يضرب (٧) يعني أن تخريجه (٨) على أحد وجهين إما بالشذوذ فيما اتّحد فيه فعل يفعل بالكسر فيهما كنعم ينعم وحسب يحسب ، ويئس ييئس. وهي ألفاظ معدودة في البقرة (٩). وإما (أنه) (١٠) سمع في ماضيه الفتح كضرب كما حكاه ابن خالويه (١١) ، وحكى الزمخشري أنه قرىء «أحهد» (١٢) بإبدال العين حاء. وقد تقدم أنها لغة هذيل. وهذه تقوي أن أصل أحد أحهد فأدغم كما تقدم. قوله : (أَنْ لا تَعْبُدُوا) و (وَأَنِ اعْبُدُونِي) يجوز في «أن» أن تكون مفسرة فسرت العهد بنهي وأمر وأن تكون مصدرية (أي) (١٣) ألم أعهد إليكم في عدم عبادة الشيطان وفي عبادتي (١٤).
__________________
(١) حكاه المؤلف عن السمين عن أبي حيان عن ابن عطية انظر : الدر المصون ٤ / ٥٢٩ ، والبحر المحيط ٧ / ٣٤٣ والذي في المختصر ـ مختصر ابن خالويه ـ : «ألم أعهد إليكم يحيى بن وثاب : ألم أحّد إليكم».
(٢) الواقع أن هذا كلام من كلام ابن عطية فيما رواه عنه أبو حيان في البحر المحيط فقد قال : «وقال ابن عطية وقرأ هذيل وابن وثاب ألم إعهد بكسر الميم والهمزة وفتح الهاء وهي على لغة من كسر أول المضارع سوى الياء». فما ذكره المؤلف أعلى كلام متصل بكلام قبله هو ما ذكرت وهو في الواقع مقولة ابن عطية فيما نقله عنه أبو حيان في البحر المحيط وهو شاذ في الرواية فلم أجده في كتب القراءات سوى البحر لأبي حيّان.
(٣) في ب الكسرة بالتأنيث.
(٤) بالمعنى من البحر المحيط لأبي حيان ٧ / ٣٤٣ وباللفظ من السّمين ٤ / ٥٢٩ ولما نقلت حركة الهمزة إلى الميم قبلها أصبحت همزة وصل ألم اعهد.
(٥) الكشاف ٣ / ٣٢٧.
(٦) السابق.
(٧) قال في معاني القرآن وإعرابه : «والكسر يجوز على ضربين على عهد يعهد وعلى عهد يعهد مثل حسب يحسب».
(٨) في ب يخرجه.
(٩) وهي نعم ينعم ويئس ييئس ويبس وييبس وعمد يعمد والفتح لغة تميم والكسر أهل الحجاز.
(١٠) سقط من ب.
(١١) البحر ٧ / ٣٤٣.
(١٢) الكشاف ٣ / ٣٢٧.
(١٣) سقط من ب.
(١٤) الدر المصون ٤ / ٥٢٩ و ٥٣٠ وجعلها مكيّ وابن الأنباري مصدرية. البيان ٢ / ٣٠١ ومشكل الإعراب ٢ / ٢٣١.