يقولها القائل وقت الهلكة (١) ، ويحتمل أن يكون المراد بقولهم : (هذا يَوْمُ الدِّينِ) أي يوم الحساب القيامة المذكور في قوله : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) أي لا مالك في ذلك اليوم إلا الله تعالى وأما قوله : (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) تقدّم الكلام على قائله هل هو من كلام الله تعالى أو من كلام الملائكة أو من كلام المؤمنين أو من كلام الكفار.
قوله : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا) هذا من كلام الملائكة والمراد اجمعوا الذين أشركوا إلى الموقف للحساب والجزاء.
فإن قيل : ما معنى احشروا مع أنهم قد حشروا من قبل وحضروا محفل القيامة وقالوا : هذا يوم الدين وقالت الملائكة لهم : بل هذا يوم الفصل؟
أجاب القاضي (٢) عنه وقال : المراد احشروهم إلى دار الجزاء وهي النار ، ولذلك قال بعده : (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) أي دلّوهم على ذلك الطريق ، ثم سأل نفسه وقال : كيف يصح ذلك وقد قال بعده (٣) : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) ومعلوم أن (م) (٤) حشرهم إلى الجحيم إنما يكون بعد المسألة وأجاب بأنه ليس في العطف بحرف الواو ترتيب ولا يمتنع أن يقال احشروهم وقفوهم مع أنا بعقولنا نعلم أن الوقوف كان قبل الحشر. قال ابن الخطيب : وعندي فيه وجه آخر وهو أن يقال : إنهم إذا قاموا من قبورهم لم يبعد أن يقفوا هناك لحيرة تلحقهم لمعاينتهم أهوال القيامة ، ثم إن الله تعالى يقول للملائكة : احشروا الذين ظلموا واهدوهم إلى صراط الجحيم ، أي سوقوهم إلى طريق جهنم وقفوهم هناك ويحصل السؤال هناك ثمّ (من) هنا (ك) (٥) يساقون إلى النار.
قوله : (وَأَزْواجَهُمْ) العامة على نصبه وفيه وجهان :
أحدهما : العطف على الموصول.
والثاني : أنه مفعول معه (٦). قال أبو البقاء : وهو في المعنى أقوى (٧) ، وإنما قال في المعنى لأنه في الصناعة ضعيف لأنه أمكن العطف فلا يعدل عنه (٨) ، وقرأ عيسى بن سليمان الحجازيّ (٩) بالرفع عطفا على ضمير «ظلموا» (١٠). وهو ضعيف لعدم
__________________
(١) قاله في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٣٠١.
(٢) سبق التعريف به أنه كبير المعتزلة.
(٣) وانظر في هذا كله تفسير الفخر الرازي ٢٦ / ١٢٩ و ١٣٠.
(٤) زيادة من أ.
(٥) ما بين الأقواس زيادة من ب. وكذا هي في الرازي.
(٦) قاله أبو البقاء العكبري في التبيان ١٠٨٩ والسمين في الدر ٤ / ٥٤٤ وقال أبو جعفر في الإعراب بالأول فقط الإعراب ٤ / ٤١٥.
(٧) التبيان المرجع السابق.
(٨) الدر ٤ / ٥٤٤.
(٩) أبو موسى الحجازي المعروف بالشيزري الحنفي مقرىء عالم نحوي معروف أخذ القراءة عرضا وسماعا عن الكسائي وله عنه انفرادات وأخذ عنه خلق كثير. انظر : الغاية ١ / ٦٠٩.
(١٠) من القراءات الشاذة انظرها في مختصر ابن خالويه ١٢٧.