على حذف اسم جمع هذه صفته أي إنكم لفريق أو لجمع ذائق ليتطابق (١) الاسم والخبر في الجمعيّة (٢). ثم كأنه قيل : فكيف يليق بالرحيم الكريم المتعالي عن النفع والضر أن يعذب عباده؟ فأجاب بقوله : (وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي «إلا جزاء ما كنتم تعملون» (٣).
قوله : (إِلَّا عِبادَ اللهِ) استثناء منقطع (٤) أي لكن عباد الله المخلصين الموحدين ، وقوله : (أُولئِكَ لَهُمْ) بيان لحالهم ، وقد تقدم في فتح اللام وكسرها من المخلصين (٥) قراءتان فمن قرأ بالفتح(٦) فالمعنى أن الله تعالى أخلصهم واصطفاهم بفضله. والكسر (٧) هو أنهم أخلصوا الطاعة لله تعالى (٨). والرزق المعلوم قيل : بكرة وعشيّا لقوله : (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [مريم : ٦٢] فيكون المراد منه معلوم الوقت وهو مقدار غدوة أو عشوة وإن لم يكن ثم بكرة ولا عشية. وقيل : ذلك الرزق معلوم الصفة أي مخصوصا بصفات من طيب طعم ولذة وحسن منظر. وقيل معناه أنهم يتيقنون دوامه لا كرزق الدنيا الذي لا يعلم متى يحصل ومتى ينقطع وقيل : معلوم القدر الذي يستحقونه بأعمالهم من ثواب الله وقد (بين (٩) أنه) تعالى يعطيهم غير ذلك تفضّلا (١٠).
قوله : «فواكه» يجوز أن يكون بدلا من «رزق» وأن يكون خبر ابتداء مضمر أي ذلك الرزق فواكه (١١) ، وفي الفواكه قولان :
أحدهما : أنها عبارة عما يؤكل للتلذذ لا للحاجة وأرزاق أهل الجنة كلها فواكه لأنهم مستغنون عن حفظ الصحّة بالأقوات فإن أجسامهم محكومة ومخلوقة للأبد فكل ما يأكلونه فهو على سبيل التلذذ.
والثاني : أن المقصود بذكر الفاكهة التنبيه بالأدنى على الأعلى ، لما كانت الفاكهة حاضرة أبدا كان المأكول للغذاء أولى بالحضور (١٢).
__________________
(١) في ب : لتطابق.
(٢) هذا معنى قول أبي حيان في البحر المرجع السابق. وانظر : الدر أيضا السابق.
(٣) الرازي ٢٦ / ١٣٥.
(٤) السمين ٤ / ٥٤٦.
(٥) يشير إلى الآية ٢٤ من يوسف و ٤٠ من الحجر.
(٦) وهم نافع وعاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف ، والباقون بالكسر انظر : الإتحاف ٣٦٩.
(٧) في ب : بالكسر.
(٨) الرازي ٢٦ / ١٣٦.
(٩) بياض في ب ، وتكملة من أوفي الرازي بين الله تعالى.
(١٠) الرازي المرجع السابق.
(١١) قاله السمين في الدر ٤ / ٥٤٦ وأبو البقاء في التبيان ١٠٨٩ وقال ابن الأنباري في البيان بالأول ٢ / ٣٠٤.
(١٢) الرازي ٢٦ / ١٣٦ و ١٣٧.