والثاني : أنه ليس تنوينا وإنما هو نون وقاية (١).
واستدل ابن مالك على هذا بقوله : وليس بمعييني ، وبقوله أيضا :
٤٢١١ ـ وليس الموافيني (وفي النّاس ممنع |
|
صديق إذا أعيا عليّ صديق) (٢) |
ووجه الدلالة من الأول أنه لو كان تنوينا لكان ينبغي أن يحذف الياء قبله لأنه منقوص منون ، والمنقوص المنون تحذف ياؤه رفعا وجرا لالتقاء الساكنين ، ووجهها من الثاني أن الألف واللام لا تجامع التنوين. والذي يرجح القول الأول ثبوت النون في قوله : «والآمرونه» (٣) ، وفي قول الآخر :
٤٢١٢ ـ ولم يرتفق والنّاس محتضرونه |
|
جميعا وأيدي المعتفين رواهقه (٤) |
فإن النون قائمة مقام التنوين تثنية وجمعا على حدها ، وقال أبو البقاء «وتقرأ بكسر النون». وهو بعيد جدا ؛ لأن النون إن كانت للوقاية فلا تلحق الأسماء وإن كانت نون الجمع لا تثبت في الإضافة(٥) وهذا الترديد صحيح لو لا ما تقدم من الجواب عنه مع تكلف فيه وخروج عن القواعد (٦).
(وقرىء (٧) مطّلعون بالتشديد كالعامة فأطلع مضارعا) منصوبا (بإضمار (٨) «أن» على
__________________
(١) ظاهر كلام ابن مالك في التسهيل ص ٢٥ قال وقد تلحق نون الوقاية مع اسم الفاعل وأفعل التفضيل.
(٢) الواقع أن ما بين القوسين كله تخليط من الناسخ لبيت آخر هو السابق عليه وإنما البيت المعني هو :
وليس الموافيني ليرفد خائبا |
|
فإنّ له أضعاف ما كان له أملا |
وهو من الطويل مجهول القائل والموافيني اسم فاعل من وافى كعادى وقاضى ويرفد يعطي من الرفد وهو العطاء والشاهد : الموافيني فقد استدل ابن مالك على أن النون نون الوقاية لا تنوين لأنه لا يجامع الألف واللام. وانظر : توضيح المقاصد ١ / ١٦٦ والأشموني ١ / ١٢٦ والمغني ٣٤٥ والمقاصد الكبرى للعيني ١ / ٣٨٧ وأجاز رواية آملا والدر المصون ٤ / ٥٤٤.
(٣) قد سبق عما قريب.
(٤) من الطويل مجهول القائل. وروي : يرتهق بدل يرتفق. واحتضر بمعنى حضر وشهد والارتفاق الاتكاء والرواهق الذين جاءوه والمعتفي طالب المعروف يقول إنه لم يشغل عن قضاء حاجة الملهوف مهما كان الأمر وشاهده «محتضرونه» فقد جمع بين الواو واو جمع المذكر والهاء «الإضافة». والشاهد الآخر الذي نحن بصدده الآن أن هذا تأييد لوجهة نظر هشام الذي يقول : إن النون هي التنوين بدليل ثبوتها جمعا وتثنية. وانظر : الدر المصون ٤ / ٥٥٤ وابن يعيش ٢ / ١٢٥ وشرح الكافية ١ / ٢٨٣ والخزانة ٤ / ٢٧١ وكامل المبرد ٢ / ٣٦٤ وكتاب سيبويه ١ / ١٨٨ وقد اتفقوا على أن هذا البيت من المصنوعات كما سبق في نظيره «الآمرونه».
(٥) التبيان ١٠٩٠.
(٦) انظر : الدر المصون ٤ / ٥٥٤.
(٧) ما بين القوسين كله سقط من نسخة ب وقد روى أبو الفتح في المحتسب ٢ / ٢١٩ ، ٢٢٠ قراءة مطلعون فأطلع وانظر أيضا الدر المصون ٤ / ٥٥٤.
(٨) ما بين القوسين الصغيرين سقط من ب وما بين الكبيرين كله ساقط من أ.