سكنوا وضعفها أيضا بعضهم بأنه يلزم سكون ما قبل تاء التأنيث وما قبلها واجب الفتح إلا الألف (١). وأما قراءة الإبدال فقيل : هي غير قياسية يعنون أنها ليست على قياس تخفيفها (٢) إلا أن هذا مردود بأنها لغة الحجاز ثابتة (٣) فلا يلتفت لمن طعن ، وقد قال أبو عمرو وكفى به : أنا لا أهمزها لأني لا أعرف لها اشتقاقا ، فإن كانت مما لا يهمز فقد احتطت وإن كانت تهمز فقد يجوز لي ترك الهمز فيما يهمز (٤) ، وهذا الذي ذكره أبو عمرو أحسن ما يقال في هذا ونظائره. وقرىء منسأته بفتح الميم مع تحقيق الهمز (٥) ، وإبدالها ألفا وحذفها تخفيفا (٦) ، وقرىء منساءته بزنة منعالته (٧) كقولهم : ميضأة وميضاءة (٨). وكلها لغات ، وقرأ ابن جبير (٩) من ساته فصل «من» ، وجعلها حرف جر وجعل «ساته» مجرورة بها (١٠) ، والسّاة والسّية هنا العصا وأصلها يد القوس العليا والسفلى يقال : ساة القوس مثل شاة وسئتها (١١) ، فسمّيت العصا بذلك على وجه الاستعارة والمعنى تأكل من طرف عصاه. ووجه بذلك ـ كما جاء في التفسير ـ أنه اتّكأ على عصا خضراء من خروب والعصا الخضراء متى اتّكىء عليها تصير كالقوس في الاعوجاج غالبا. و «سأة» فعلة وسئة فعلة نحو قحة وقحة والمحذوف لا مهما (١٢). وقال ابن جني : سمي العصا منسأة لأنها تسوء وهي فلة والعين محذوفة (١٣). قال شهاب الدين : وهذا يقتضي أن تكون القراءة بهمزة ساكنة والمنقول أن هذه القراءة بألف صريحة ولأبي الفتح أن يقول أصلها الهمزة ولكن أبدلت(١٤).
__________________
(١) القرطبي ١٤ / ٢٧٩.
(٢) في «ب» تحقيقها.
(٣) قال في «ب» : ثانية.
(٤) البحر المحيط ٧ / ٢٦٧. وجاءت بعبارات متفرقة ومختلفة في المعاني للفراء ٢ / ٣٥٧ والمحتسب لابن جني ٢ / ١٨٧ والقرطبي ١٤ / ٢٨٠.
(٥) في «ب» الهمزة.
(٦) البحر لأبي حيان ٧ / ٢٦٧ والكشاف للزمخشري ٣ / ٢٨٣ وكل منهما لم يعزها إلى من قرأ بها.
(٧) السابقان.
(٨) ما يتوضأ منه أو فيه الرجل. وانظر اللسان : «وض أ» ٤٨٥٥.
(٩) هو سعيد بن جبير.
(١٠) ذكرها الفراء في معانيه ٢ / ٣٥٦ و ٣٥٧ وابن جني في المحتسب ٢ / ١٨٦ و ١٨٧ وابن خالويه في المختصر ١٢١.
(١١) في اللسان : وسؤتها. اللسان سأى ١٩٠٧.
(١٢) انظر : الدر المصون ٤ / ٤٢٢ و ٤٢٣ ومعاني الفراء ٢ / ٣٥٧.
(١٣) لم أجد رأي أبي الفتح هذا في المحتسب وإنما وجدته : «وبعد فالتفسير إنما هو العصا لا سئة القوس وهي من «ن س أ» فإن كانت «الساة» من نسأت فهي «علة» والفاء محذوفة وهذا الحذف إنما هو من الضرب في المصادر نحو العزة والزنة وذلك ممّا فاؤه واو لا نون ولم يمرر بنا ما حذفت نونه وهي فاء وسئة القوس فعة واللام محذوفة كما ترى». المحتسب ٢ / ١٨٧.
(١٤) الدر المصون ٤ / ٤٢٣.