هرب من شيء ثم يعود إليه وأيضا فإنهم نصّوا على أنه إذا أبدل من الألف همزة فإن كان لتلك الألف أصل حركت هذه الهمزة بحركة أصل الألف (١).
وأنشد ابن عصفور على ذلك :
٤١٢١ ـ ولّى نعام بني صفوان زوزأة |
|
..........(٢) |
قال : الأصل زوزاة وأصل هذا : زوزوة ، فلما أبدل من الألف همزة حركها بحركة الواو ، إذا عرف هذا فكان ينبغي أن تبدل هذه الألف همزة مفتوحة لأنها عن أصل متحرك وهو الهمزة المفتوحة فتعود إلى الأول وهذا لا يقال (٣).
الثاني : أنه سكن الفتحة تخفيفا والفتحة قد سكنت في مواضع تقدم التنبيه عليها وشواهدها ، ويحسنه هنا أن الهمزة تشبه حروف العلة ، وحرف العلة يستثقل عليه (٤) الحركة من حيث الجملة وإن كان لا تستثقل الفتحة لخفتها ، وأنشدوا على تسكين همزتها :
٤١٢٢ ـ ضريع خمر قام من وكأته |
|
كقومة الشّيخ إلى منسأته (٥) |
وقد طعن قوم على هذه القراءة ونسبوا راويها إلى الغلط قالوا : لأن قياس تخفيفها (٦) إنما هو تسهيلها بين بين (٧) وبه قرأ ابن عامر وصاحباه (٨) فظن الراوي أنهم
__________________
(١) الدر المصون في علوم الكتاب المكنون له ٤ / ٤٢١ ، وهو المفهوم أيضا من كلام ابن عصفور في الممتع ١ / ٣٢٤ و ٣٢٥ حيث قال : «وتكون الهمزة ساكنة إلا أن تكون الألف في النية متحركة فإن الهمزة إذ ذاك تكون متحركة بالحركة التي للألف في الأصل».
(٢) هذا صدر بيت من بحر البسيط وعجزه :
.......... |
|
لمّا رأى أسدا في الغاب قد وثبا |
وهو لابن كثوة ، والزّوزأة من قولنا : زوّزى إذا نصب ظهره وأسرع وهو على التشبيه أي أن هؤلاء الأعداء جبناء فقد هربوا وجدوا فيه كما يصنع من قلب النّعام عند ما يغرس في الأرض ويغور هاربا.
واستشهد بالبيت في كلمة «زوزأة» من قلب الألف ـ المنقلبة أصلا من الواو ـ همزة والهمزة هذه قد أخذت حركة الواو والأصل هي الفتح. وقد تقدم.
(٣) الدر المصون ٤ / ٤٢١.
(٤) في «ب» عليها بها التأنيثية.
(٥) من الرجز لبعض الأعراب كما في إبراز المعاني ٦٥٢. والشاهد : «منسأته» حيث سكن الهمزة قبل تاء التأنيث ولا يكون الساكن قبلها إلا ألفا وهذا يؤيد قراءة من قرأ : «منسأته» وهو ابن ذكوان وقد روى الإمام القرطبي البيت :
وقائم قد قام تكأته |
|
.......... |
البيت. القرطبي ١٤ / ٢٧٩ والبحر المحيط ٧ / ٢٦٧ والنشر لابن الجزري ٣٥٠ والدر المصون ٤ / ٤٢١.
(٦) كذا هي هنا : «تخفيفها» وفي «ب» تحقيقها بالقاف.
(٧) القرطبي ١٤ / ٢٧٩ وإبراز المعاني ٥٦٢ وبحر أبي حيان ٧ / ٢٦٧.
(٨) هما هشام بن عمّار مقرىء دمشق ت ٢٤٥ وابن ذكوان مقرىء الشام ت ٢٤٢ وانظر : المختصر لابن خالويه ١٢١ والنشر ٣٥٠ والإتحاف ٣٥٨.