٤٢٢٤ ـ وكم من مليم لم يصب بملامة |
|
ومشبع بالذّنب ليس له ذنب (١) |
يقال : ألام فلان أي فعل ما يلام عليه ، وقوله (وَهُوَ مُلِيمٌ) حال. وقرىء «مليم» بفتح الميم من لام يلوم وهي شاذة جدا ، إذ كان قياسها «ملوم» ؛ لأنها من ذوات الواو كمقول ومصوب (٢). قيل : ولكن أخذت من ليم على كذا مبنيا للمفعول ومثله في ذلك : شيب الشيء فهو مشيب ودعي فهو مدعيّ (٣). والقياس مشوب ومدعوّ لأنهما من يشوب ويدعو.
فصل
روى (٤) ابن عباس أن يونس ـ عليه (الصلاة و) السلام ـ كان يسكن مع قومه فلسطين فغزاهم ملك وسبى منهم تسعة أسباط ونصف وبقي سبطان ونصف وكان قد أوحي إلى بني إسرائيل إذا أسركم عدوّكم (أ) (٥) وأصابتكم مصيبة فادعوني أستجب لكم فلما نسوا ذلك وأسروا أوحى الله تعالى بعد حين إلى نبيّ من أنبيائهم أن اذهب إلى ملك هؤلاء الأقوام وقل لهم (٦) يبعث إلى بني إسرائيل نبيا فاختار يونس ـ عليه (الصلاة و) السلام ـ لقوته وأمانته ، قال يونس : الله أمرك بهذا؟ قال : لا ولكن أمرت أن أبعث قويا أمينا وأنت كذلك فقال يونس : وفي بني إسرائيل من هو أقوى مني فلم لا تبعثه؟ فألح الملك عليه فغضب يونس منه وخرج حتى أتى بحر الروم فوجد سفينة مشحونة فحملوه فيها ، فلما أشرف (٧) على لجّة البحر أشرفوا على الغرق. فقال الملاحون إن فيكم عاصيا وإلّا لم يحصل في السفينة ما نراه (٨). وقال التجار قد جرّبنا مثل هذا فإذا رأيناه نقترع فمن خرج عليه (٩) نغرقه فلأن يغرق واحد خير من غرق الكل فخرج من بينهم (١٠) يونس فقال يا هؤلاء : أنا العاصي وتلفّف في كساء ورمى بنفسه فالتقمه الحوت (١١) وأوحى الله إلى الحوت : لا تكسر منه عظما ولا تقطع له وصلا ثم إن السمكة خرجت
__________________
ـ «وهو الذي اكتسب اللوم وإن لم يلم ، والملوم الذي قد ليم باللسان ، وهو مثل قول العرب : أصبحت محمقا معطشا أي عندك المحمق والعطش. وهو كثير في الكلام».
(١) أنشد على أن المليم الذي يأتي بما يلومه عليه الناس. والبيت أحد بيتين ذكرهما القالي في أماليه انظر أمالي القالي ١ / ١٦ والدر المصون ٤ / ٥٧٠.
(٢) حكم بشذوذ هذه القراءة مع أنها جائزة لغة وهناك ما هو أشدّ شذوذا منها السمين في الدر ٤ / ٥٧٠ وذكرها الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٥٣ وأبو حيان في البحر ٧ / ٣٧٥.
(٣) الكشاف ٣ / ٣٥٣.
(٤) انظر هذا في الرازي ٢٦ / ١٦٤.
(٥) زيادة من الرازي.
(٦) في الرازي : وقل له حتى يبعث إلى.
(٧) وفيه : فلما دخلت لجة البحر أشرفت على الغرق.
(٨) وفيه : ما نراه من غير ريح ولا سبب ظاهر.
(٩) وفيه : خرج سهمه.
(١٠) في «ب» سهم.
(١١) في «ب» : فابتلعته السمكة.