السور (١). قال محمد بن كعب القرظيّ : (ص) مفتاح اسم الصّمد وصادق الوعد (٢). وقال الضحاك: معناه صدق الله (٣) وروي عن ابن عباس صدق محمد صلىاللهعليهوسلم (٤). وقيل معناه أن القرآن مركب من هذه الحروف وأنتم قادرون عليها ولستم قادرين على معارضته (٥).
فإن قيل : قوله (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) قسم فأين المقسم عليه؟.
فالجواب من وجوه :
أحدها : قال الزجاج والكوفيون غير الفراء : هو قوله : (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ)(٦) قال الفراء : لا نجده مستقيما لتأخيره جدا عن قوله (وَالْقُرْآنِ)(٧). وقال ثعلب والفراء هو قوله : (كَمْ أَهْلَكْنا)(٨) والأصل : «لكم أهلكنا» فحذف اللام كما حذفها في قوله : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها)(٩) [الشمس : ٩] بعد قوله : (وَالشَّمْسِ) ، لما طال الكلام.
الثالث : قال الأخفش هو قوله : «إن كل لما كذب الرسل» (١٠) ، كقوله : (تَاللهِ إِنْ كُنَّا) [الشعراء : ٩٧] وقوله : (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ إِنْ كُلُ) [الطارق : ١ و ٤].
الرابع : قوله : (إِنَّ هذا لَرِزْقُنا)(١١).
الخامس : هو قوله : (ص) لأن المعنى والقرآن لقد صدق محمد قاله الفراء وثعلب (١٢) أيضا ؛ وهذا بناء منهما على جواز تقديم جواب القسم وأن هذا الحرف مقتطع من جملة دالّ هو عليها (١٣) وكلاهما ضعيف.
السادس : أنه محذوف (١٤). واختلفوا في تقديره فقال الحوفيّ تقديره : «لقد جاءكم الحق» ونحوه وقدره ابن عطية (١٥) : ما الأمر كما تزعمون. ودل على هذا المحذوف
__________________
(١) البغوي ٦ / ٤٠.
(٢) المرجع السابق.
(٣) السابق وانظر أيضا زاد المسير ٧ / ٩٧.
(٤) السابقان.
(٥) البغوي السابق.
(٦) معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٣١٩ وانظر التبيان ١٠٩٦ والبيان ٢ / ٣١١ والدر المصون ٤ / ٥٨٠ والقرطبي ١٥ / ١٤٤ وقد نسبه للكسائي وكذلك أبو حيان في البحر ٧ / ٣٨٣ وانظر : الإغفال للفارسي ١١٨٨.
(٧) المعاني له ٢ / ٢٩٧.
(٨) وانظر : المعاني للفراء ٢ / ٣٩٧.
(٩) معاني الأخفش ٦٦٩ ، ٦٧٠ وانظر أيضا البيان ٢ / ٣١٢ والتبيان والقرطبي المرجعين السابقين وانظر : البحر ٧ / ٣٨٣.
(١٠) نقله القرطبي في ١٥ / ١٤٤.
(١١) معاني الفراء ٢ / ٣٩٦ ، و ٣٩٧ وانظر أيضا الدر المصون ٤ / ٥٨٠ وزاد المسير ٧ / ٩٨.
(١٢) قاله أبو حيان في البحر ٧ / ٣٨٣ والسمين في الدر ٤ / ٥٨٠.
(١٣) وانظر : زاد المسير ٧ / ٩٩. وإليه ذهب قتادة وابن جرير في جامع البيان ٢٣ / ٧٦.
(١٤) قاله في البرهان في علوم القرآن. وانظر : البحر ٧ / ٣٨٣.
(١٥) في ب : ابن مالك. وهو تحريف.