الثالث : أنّ بعدها فعلا مقدّرا ناصبا لحين مناص بعدها أي لات أرى حين مناص لهم بمعنى لست أرى ذلك ، ومثله : «لا مرحبا بهم ولا أهلا ولا سهلا» أي لا أتوا مرحبا ولا وطئوا سهلا ولا لقوا أهلا.
وهذا الوجهان ذهب إليهما الأخفش (١). وهما ضعيفان وليس إضمار الفعل هنا نظير إضماره في قوله :
٤٢٤١ ـ ألا رجلا جزاه الله خيرا |
|
..........(٢) |
لضرورة أن اسمها المفرد النكرة مبني على الفتح فلما رأينا هنا معربا قدرنا له فعلا خلافا للزجّاج فإنه يجوز تنوينه في الضرورة ويدعي أن فتحته للإعراب ، وإنما حذف التنوين للتخفيف ويستدلّ بالبيت المذكور(٣) وقد تقدم تحقيق هذا.
الرابع : أن لات هذه ليست هي «لا» مرادا فيها تاء التأنيث. وإنما هي ليس فأبدلت السين تاء ، وقد أبدلت منها في مواضع قالوا : النّات يريدون الناس ومنه ستّ وأصله سدس ، وقال :
٤٢٤٢ ـ يا قاتل الله بني السّعلات |
|
عمرو بن يربوع شرار النّات |
ليسوا بأخيار ولا أليات (٤) |
وقرىء شاذا : «قل أعوذ برب النات» (٥) إلى آخرها [الناس : ١ ـ ٦] يريد شرار
__________________
(١) وانظر هذا وما قبله في الدر المصون للسمين ٤ / ٥٨٥.
(٢) صدر بيت من الوافر لعمرو بن قعناس أو قعاس عجزه : يدل على محصلة تبيت. والمحصلة المرآة التي تحصل تراب المعدن ويروى تبيت مفتوح الأول ومضمومه ، والشاهد : ألا رجلا حيث أن بعد لا إذا كان منصوبا منونا فإنه يكون على تقدير فعل أي ألا ترونني رجلا ، ويروى هذا البيت بالجر على تقدير من الاستغراقية ألا من رجع فمثل هذا البيت يجوز فيه تقدير الفعل العامل لوجود المقتضي لذلك بخلاف ما عداه من أبيات مغايرة. وقد تقدم.
(٣) هذا مذهب الجرميّ والزّجاجي والسيرافي أيضا والرماني وهو مردود عليهم بأن حذفه من النكرة المطولة كان أولى وبأنه لم يعهد حذف التنوين إلا لمنع صرف أو إضافة أو وصف العلم بابن أو ملاقاة ساكن أو وقف أو بناء. وهذا ليس واحدا مما قبل البناء فتعين البناء وانظر : التسهيل ٦٧ والهمع ١ / ١٤٦ وهامش الكتاب (لرأي السيرافي) ٢ / ٢٧٥.
(٤) جاءت هذه الأبيات شاهدا على إبدال السين تاء ، كما أن لات هذه التي معنا ليست هي لا المزاد عليها التاء وإنما هي ليس ولكن أبدلت السين تاء وقلبت الياء ألفا حتى لا تلتبس بحرف التمني وهو ليت وهذا على أحد الآراء في «لات». والأكياس جمع كيّس وهو اللبيب العاقل ومنه حديث الرسول :لاالمؤمن كيّس فطن وتلك الأبيات من مشطور الرجز لعلباء بن أرقم اليشكري ووردت في الممتع غير أعفّاء ولا أكيات.
(٥) الآيات الثلاث من الست سورة الناس. ونقلها ابن خالويه في المختصر ١٨٣. وهي شاذة غير متواترة ـ