حال وفي الثاني خبر مبتدأ كذلك حين كان (في (١) الأصل) ظرف للنداء ، ثم صار خبر «لات» أو اسمها على حسب الخلاف المتقدم (٢).
و «المناص» مفعل من ناص ينوص أي هرب فهو مصدر (٣). يقال ناصه ينوصه إذا فاته فهو متعدّ ، وناص ينوص أي تأخر (٤) ، ومنه ناص عن قرنه أي تأخر عنه جبنا. قاله الفراء (٥). وأنشد قول امرىء القيس : [من الطويل]
٤٢٥٠ ـ أمن ذكر سلمى إن نأتك تنوص |
|
فتقصر عنها حقبة وتنوص (٦) |
قال أبو جعفر النحاس : ناص ينوص إذا تقدم (٧) فيكون من الأضداد ، واستناص طلب المناص(٨) ، قال حارثة بن بدر :
٤٢٥١ ـ غمر الجراء إذا قصرت عنانه |
|
بيدي استناص ورام جري المسحل (٩) |
ويقال : ناص إلى كذا ينوص نوصا إذا التجأ إليه. قال بعضهم المناص المنجى والغوث ، يقال ناصه ينوصه إذا أغاثه (١٠) ، قال ابن عباس : كان كفار مكة إذا قاتلوا فاضطربوا في الحرب قال بعضهم لبعض مناص أي اهربوا وخذوا حذركم ، فلما نزل بهم العذاب ببدر ، وقالوا مناص فأنزل الله تعالى : ولات حين مناص أي ليس حين هذا القول (١١).
__________________
(١) ما بين القوسين سقط من ب.
(٢) الدر المصون ٤ / ٥٩٠ وهو يدافع عن رأي أبي علي الجرجاني وهو رأي ظريف له وجهة نظر ويقصد بالخلاف المتقدم آراء سيبويه والأخفش وكل الآراء السابقة.
(٣) ميمي من الثلاثي المضموم العين والأجوف الواوي فيجيء على «مفعل» كما رأينا.
(٤) فهو لازم.
(٥) قال والنوص التأخر في كلام العرب ، والبوص التقدم وقد بصته. انظر : المعاني له ٢ / ٣٩٧ واللسان : «ن وص» ٤٥٧٦ وغريب القرآن ٣٧٦ والمجاز ٢ / ١٧٦.
(٦) البيت له كما في ديوانه ١٧٧ وأنشد شاهدا على أن النّوص هو التأخر. وصدره في تفسير القرطبي ١٥ / ١٤٦ برواية إذا الظرفية. وانظر اللسان «ن وص» ٤٥٧٦ وغريب القرآن ٣٧٦ وتأويل المشكل ٢٥٥ وجامع البيان للطبري ٢٣ / ٧٦ والدر المصون ٤ / ٥٩٠ ، ٥٩١ وروي في الديوان خطوة بدل حقبة. وانظر أيضا فتح القدير ٤ / ٤٢٠ والبحر ٧ / ٣٨٤ واللسان : «ب وص» ٣٨٦. وزاد المسير ٧ / ١٠١.
(٧) قاله في الإعراب ٣ / ٤٥٠.
(٨) كذا في السمين ٤ / ٥٩١ وفي اللسان : استناص أي تأخّر. اللسان ٤٥٧٦.
(٩) من الكامل التام وهو لحارثة بن بدر. وهو يصف فرسا له وغمر : واسع كثير والجراء مصدر جرى وهو للفرس خاصة والمسحل حمار الوحش سمي بذلك لكثرة سحاله أي شهيقه. وهو يصفه بالسرعة الشديدة وعدم الكسل وبالمهارة المطلوبة وأتى به ليبين أن استناص بمعنى طلب المهرب. وانظر اللسان ٤٥٧٦ : «ن وص» وجرى ٦١٠ والبحر ٧ / ٣٨١ والكشاف ٣ / ٣٥٩ وشرح شواهده ٥٠٠.
(١٠) نقله الرازي في تفسيره ٢٦ / ١٧٦.
(١١) نقله البغوي والخازن في تفسيريهما معالم التنزيل ولباب التأويل ٦ / ٤١.