والملكان لا يبغيان؟ قيل : معناه أرأيت خصمين بغى أحدهما على الآخر ، وهذا من معاريض الكلام لا على تحقيق البغي من أحدهما (١).
قوله : (فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ) العامة على ضم التاء وسكون الشين ، وضم الطاء الأولى من (أ) (٢) شطط يشطط إشطاطا إذا تجاوز الحق (٣) ، قال أبو عبيدة : شططت في الحكم وأشططت إذا جرت (٤) ؛ فهو مما اتفق فيه فعل وأفعل (٥) ، وإنما فكّه على أحد الجائزين كقوله : (مَنْ يَرْتَدِدْ)(٦). وقد تقدم تحقيقه. وقرأ الحسن وأبو رجاء وابن أبي عبلة تشطط بفتح التاء وضم الطاء من «شطّ» بمعنى «أشطّ» كما تقدم (٧).
وقرأ قتادة : تشطّ من «أشطّ» رباعيا إلا أنه أدغم (٨). وهو أحد الجائزين كقراءة من قرأ : (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ) وعنه أيضا «تشطّط» بفتح الشين وكسر الطاء مشددة (٩) من شطّط يشطّط. والتثقيل فيه للتكثير. وقرأ زرّ بن حبيش تشاطط (١٠) من المفاعلة وأصل الكلمة من : شطّت الدّار وأطّت إذا (١١) بعدت. (وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) أرشدنا إلى طريق الصواب (١٢) فقال لهما داود : تكلّما فقال أحدهما : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) يعني امرأة (١٣)(وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ) أي امرأة واحدة.
__________________
(١) قاله الإمام البغوي في : معالم التنزيل ٦ / ٤٧ وكذلك الخازن في : لباب التأويل ٦ / ٤٧.
(٢) الهمزة سقطت من ب.
(٣) في ب الحدّ. وانظر : غريب القرآن ٣٧٨ قال : يقال : أشططت ، إذا جرت وشطّت الدار إذا بعدت فهي تشطّ. وقال الزجاج : لا تجر يقال أشط يشط إذا جار. ويقرأ لا تشطط بمعنى لا تبعد عن الحق وكذلك لا تشطط معناه كمعنى الأول الزجاج ٤ / ٣٢٦ ونفس هذا المعنى من الفراء في المعاني ٢ / ٤٠٣.
(٤) الذي في المجاز «ولا تشطط أي لا تسرف ... ويقال كلّفتني شططا. ومنه : وشطّت الدّار أي بعدت». المجاز ٢ / ١٨٠. وقد نسب القرطبيّ في الجامع هذا القول لأبي عبيد القاسم بن سلّام.
انظر : القرطبي ١٥ / ١٧٢.
(٥) في ب وفاعل.
(٦) المائدة ٥٤ ، والبقرة ٢١٧ فيجوز : ولا تشطّ كما جاز ولا تشطط التي هي قراءة العامة كما قرأ قتادة القراءة الآتية.
(٧) معاني الفراء ٢ / ٤٠٣ ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٣٢٦ والكشاف ٣ / ٣٦٨ والمحتسب ٢ / ٢٣١ ومختصر ابن خالويه ١٢٩ و ١٣٠ وشواذ القرآن ٢٠٧ واللسان : «ش ط ط» ٢٢٦٤.
(٨) البحر المحيط ٧ / ٣٩٢ والدر المصون ٤ / ٦٠٠.
(٩) المرجعين السابقين. وانظر المختصر والكشاف وشواذ القرآن المراجع السابقة.
(١٠) هي من الأربع الشواذ فوق العشر المتواترة. انظر : الإتحاف ٣٧٢. وانظر : المختصر والكشاف والبحر والدّرّ المراجع السابقة.
(١١) انظر في هذا اللسان ٢٢٦٤.
(١٢) غريب القرآن ٣٧٨ ومعاني الفراء ٢ / ٤٠٣ والزجاج ٤ / ٣٢٦.
(١٣) السابق.