عليها فإنها تشعر بها (١) ، وقيل : يدل عليها الإشراق في قصة داود (٢). وما أبعده.
قوله : «ردّوها» هذا الضمير للصّافنات (٣) ، وقيل : للشمس وهو غريب جدّا (٤). قال ابن الخطيب : وهذا بعيد لوجوه :
منها : أن الصّافنات مذكورة بالتصريح ، والشمس غير مذكورة وعود الضمير إلى المذكور أولى من عوده إلى المقدّر ، ومنها : أنه لو اشتغل بالخيل حتى غربت الشمس وفاتت صلاة العصر كان ذلك ذنبا عظيما ومن كان هذا (٥) حاله فطريقه التّضرع والبكاء والمبالغة في إظهار التوبة فإما أن يقول على سبيل العظمة لربّ العالمين مثل هذه الكلمة العارية عن كل جهات الأدب عقيب ذلك الجرم العظيم (٦) (فهذا) لا يصدر عن أبعد الناس عن الخير فكيف يجوز إسناده للرسول المطهر المكرم ومنها أن القادر على تحريك الأفلاك والكواكب هو الله تعالى فكان يجب أن يقول ردّها عليّ ، ولا يقول : ردوها عليّ لأن هذا اللفظ مشعر بأعظم أنواع الاستعلاء فكيف يليق بهذا اللفظ رعاية التعظيم؟ ومنها : أن الشمس لو رجعت بعد الغروب لصار ذلك مشاهدا لأهل الدنيا ولو كان كذلك لتوفرت الدواعي على نقله وحيث لم ينقل علمنا فساده (٧).
قوله : (فَطَفِقَ مَسْحاً) نصب «مسحا» بفعل مقدر ، هو خبر طفق أي (ف) طفق يمسح مسحا (٨) ، لأن خبر هذه الأفعال لا يكون إلا مضارعا في الأمر العام. وقال أبو البقاء ـ وبه بدأ ـ : مصدر في موضع الحال (٩) وهذا ليس بشيء ؛ لأن «طفق» لا بدّ لها من خبر (١٠).
وقرأ زيد بن علي : مساحا بزنة قتال (١١) ، والباء في «بالسوق» مزيدة مثلها في قوله : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) [المائدة : ٦]. وحكى سيبويه : مسحت رأسه وبرأسه بمعنى واحد (١٢).
ويجوز أن تكون للإلصاق (١٣) كما تقدم ، وتقدم همز السوق وعدمه في النمل (١٤).
__________________
(١) الكشاف السابق.
(٢) التبيان السابق.
(٣) التبيان ١١٠١ والرازي ٢٦ / ٢٠٤ والسمين ٤ / ٦٠٨.
(٤) المرجعان الأخيران.
(٥) في ب : ومن كانت هذه حاله.
(٦) زيادة للسياق وهي من الرازي.
(٧) انظر : تفسير الإمام الفخر ٢٦ / ٢٠٤ و ٢٠٥.
(٨) قاله الأخفش في المعاني ٦٧٠ والفراء في المعاني أيضا ٢ / ٤٠٥ ونقله أبو البقاء في التبيان ١١٠١ من أحد رأيين
(٩) المرجع السابق.
(١٠) الدر المصون ٤ / ٦٠٨.
(١١) ذكرها أبو حيان في البحر المحيط ٧ / ٣٩٧ والسمين في الدر ٤ / ٦٠٩.
(١٢) المرجعان السابقان.
(١٣) السمين السابق. ومعنى الإلصاق هو معنى لا يفارق الياء واقتصر عليه سيبويه وهو إما حقيقي ك «أمسكت بزيد» إذا قبضت على شيء من جسمه ، أو على ما يحبسه من يد وثوب ونحوه ومجازي نحو : مررت بزيد أي ألصقت مروري بمكان يقرب من زيد. انظر : المغني ١٠١.
(١٤) عند قوله تعالى : «فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها» الآية ٤٤. وهي من القراءات السبعة ـ