الثاني : أنه من حذف الموصوف وإقامة صفته مقامه تقديره فأرسلنا عليهم سيل المطر العرم أي الشديد الكثير (١).
الثالث : أن العرم اسم للبناء الذي يجعل سدا (٢) وأنشد (قول الشاعر) (٣) :
٤١٢٩ ـ من سبأ الحاضرين مأرب إذ |
|
يبنون من دون سيله العرما (٤) |
أي البناء القوي. قال البغوي : العرم والعرم جمع عرمة وهي السد (٥) الذي يحبس الماء.
الرابع : أن العرم اسم للوادي الذي كان فيه الماء (٦) نفسه. وقال ابن الأعرابي : العرم السيل الذي لا يطاق (٧) وقيل : كان ماء أحمر أرسله الله عليهم من حيث (٨) شاء.
الخامس : أنه اسم للجرذ (٩) وهو الفأر. قيل : هو الخلد (١٠) وإنما أضيف إليه ؛ لأنه تسبب عنه إذ يروى في التفسير أنه قرض السدّ (١١) إلى أن انفتح عليهم فغرقوا به. وعلى هذه الأقوال الثلاثة تكون الإضافة إضافة صحيحة معرفة نحو : غلام زيد ، أي سيل البناء أو سيل الوادي الفلانيّ أو سيل الجرذ. وهؤلاء هم الذين ضربت العرب بهم المثل للفرقة فقالوا : «تفرقوا أيدي سبا». وقد تقدم (١٢).
__________________
(١) بالمعنى من البحر ٧ / ٢٧١ وقد قال بذلك في الدر المصون ٤ / ٤٢٨ وفي «ب» الكبير بدلا من الكثير وانظر : الكشاف ٣ / ٢٨٥.
(٢) السمين السابق.
(٣) زيادة من «ب».
(٤) البيت من المنسرح وهو غير منسوب في البحر ٧ / ٢٧٠ والقرطبي ١٤ / ٢٨٣ واللسان «ع ر م» ٢٩١٤ وكذلك «س ب أ» وورد في اللسان بلفظ «مشرد» بدل «يبنون». وكذلك لم ينسب في غريب القرآن لابن قتيبة ٣٥٤ ولا في المجاز لأبي عبيدة ١٤٧ / ٢. وقد اختلف في نسبة هذا البيت فمن نسبه إلى النابغة الجعدي ومن نسبه إلى أمية بن أبي الصلت وهو في ديوان النابغة ١٣٤ وديوان أمية برقم ٥١ وملحق ديوان الأعشى. وقد جيء بالبيت ليدل به على أن العرم هو اسم للبناء الذي يجعل سدا. وهو في البحر بتحريف وتصحيف ظاهرين. وانظر : الكتاب ٣ / ٢٥٣ والتاج عرم والكشاف ٣ / ١٤٤ وشرح شواهده ٥٣٥.
(٥) في البغوي السكر وهو ما يوافق.
(٦) انظر البغوي ٥ / ٢٨٧ المرجع السابق والكشاف ٣ / ٢٨٥.
(٧) قال في اللسان : ابن الأعرابي : العرمة أرض صلبة إلى جنب الصبان. ٢٩١٥. وقد نقل رأي الأعرابي الإمام البغوي في معالم التنزيل ٥ / ٢٨٧.
(٨) المرجع السابق.
(٩) الدر المصون ٤ / ٤٢٨. والجرذ نوع من الفئران. انظر : حيوان الجاحظ ٥ / ٢٦٠.
(١٠) ضرب من الفئران قال بذلك في المرجع السابق ، وابن منظور في اللسان «خ ل د» ١٢٢٦ والقرطبي في الجامع ١٤ / ٢٨٥ ، ٢٨٦ والزجاج في معاني القرآن ٤ / ٢٤٨.
(١١) في «ب» السّكر.
(١٢) في اللّسان. وقد ذكره ابن يعيش في شرح المفصل ٤ / ١٢٣ كما شرحه الميداني في مجمع الأمثال له ٢ / ٤.