أحدهما : أنها مستأنفة سيقت للدعاء عليهم ، وقوله : «بهم» بيان للمدعوّ عليهم.
والثاني : أنها حالية (١) ، وقد يعترض عليه بأنه دعاء والدعاء طلب (والطلب) (٢) لا يقع حالا والجواب أنه على إضمار القول أي مقولا لهم لا مرحبا (٣). قال المفسرون قوله تعالى : (لا مَرْحَباً بِهِمْ) دعاء منهم على أتباعهم يقول الرجل لمن يدعو له : مرحبا أي أتيت رحبا من البلاد لا ضيقا أو رحبت بلادك رحبا ، ثم تدخل عليه كلمة «لا» في دعاء النفي (٤).
قوله : (إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) تعليل (٥) لاستجابة الدعاء عليهم. ونظير هذه الآية قوله : (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) [الأعراف : ٣٨] «قالوا» أي الأتباع (بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ) يريدون أن الدعاء الذي دعوتم به علينا أيها الرؤساء أنتم أحق به وعللوا ذلك بقولهم : (أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا) والضمير للعذاب أو للضّلال.
فإن قيل : ما معنى تقديمهم (٦) العذاب لهم؟
فالجواب : الذي أوجب التقديم عو عمل السوء كقوله تعالى : (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ) [الحج : ٩ ، ١٠] إلا أن الرؤساء لما كانوا هم السبب فيه بإغوائهم وكان العذاب جزاءهم عليه قيل : أنتم قدمتموه لنا (٧) ، وقوله : (فَبِئْسَ الْقَرارُ) أي بئس المستقرّ والمستكنّ (٨) جهنم.
قوله : (مَنْ قَدَّمَ) يجوز أن تكون «من» شرطية و («ف) زده» (٩) جوابها ، وأن تكون استفهامية وقدّم خبرها أي (أن) (١٠) أي شخص قدم لنا هذا؟ ثم استأنفوا دعاء ، بقولهم : «فزده» وأن تكون موصولة (١١) بمعنى الذي وحينئذ يجوز فيها وجهان : الرفع بالابتداء والخبر «فزده» والفاء زائدة تشبيها له بالشرط ، والثاني : أنها منصوبة بفعل مقدر على الاشتغال (١٢) والكلام في مثل هذه الفاء (قد) (١٣) تقدم.
وهذا الوجه يجوز عند بعضهم حال كونها شرطية أو استفهامية أعني الاشتغال إلا أنه لا يقدر الفعل إلا بعدها لأن لها صدر الكلام (١٤) و «ضعفا» نعت لعذاب أي مضاعفا.
__________________
(١) ذكر هذين الوجهين أبو البقاء ١١٠٥.
(٢) سقط من ب.
(٣) السابق.
(٤) الكشاف ٣ / ٣٧٩.
(٥) المرجع السابق.
(٦) السابق وفي ب : تقدمهم.
(٧) قاله الإمام الفخر الرازي ٢٦ / ٢٢٢.
(٨) كذا هي هنا. وفي ب والرازي : المسكن.
(٩) الفاء من أفقط دون ب.
(١٠) زيادة لا معنى لها.
(١١) انظر هذه الأوجه في التبيان ١١٠٦ والدر المصون ٤ / ٦٢١ ومعاني الفراء ٢ / ٤١١ جاء بوجه الاستفهام فقط وكذلك فعل أبو جعفر النحاس ٣ / ٤٧٠.
(١٢) التبيان ١١٠٦ والدر المصون ٤ / ٦٢٢.
(١٣) سقطت «قد» من «ب».
(١٤) نقله شهاب الدين السمين في الدر المصون ٤ / ٦٢٢.