والخمط قيل : شجر الأراك وثمره يقال له : البرير. (و) هذا قول أكثر المفسرين (١) وقيل : كل شجر ذي شوك (٢) وقال المبرد والزجاج : كل نبت أخذ طعما من مرارة حتى لا يمكن أكله فهو خمط (٣). وقال ابن الأعرابي : الخمط ثمرة شجرة يقال لها : فسوة الضّبع على صورة الخشخاش لا ينتفع به (٤). قال البغوي : من جعل الخمط اسما للمأكول فالتنوين في «أكل» حسن ومن جعله أصلا وجعل «الأكل» ثمرة فالإضافة فيه ظاهرة والتنوين سائغ تقول العرب في بستان فلان أعناب كرم وأعناب كرم يترجم الأعناب بالكرم لأنها منه (٥).
قوله : (وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ) معطوفان على «أكل» لا على «خمط» لأن الخمط لا أكل له (٦) ، وقال مكي : لمّا لم يجز أن يكون الخمط نعتا للأكل ؛ لأن الخمط اسم شجر بعينه ولا بدلا ؛ لأنه ليس الأول ولا بعضه وكان الجنى والثمر من الشجر أضيف على تقدير «من» كقولك : «هذا ثوب خزّ» (٧). ومن نون فيحتمل أوجها :
الأول : أنه جعل «خمطا» وما بعده إما صفة «لأكل» (٨). قال الزمخشري : أو وصف الأكل بالخمط كأنه قيل : ذواتي أكل بشيع (٩). قال أبو حيان : والوصف بالأسماء لا يطّرد وإن كان قد جاء (١٠) منه شيء نحو قولهم : «مررت بقاع عرفج (١١) كلّه».
الثاني : البدل من «أكل» قال أبو البقاء : وجعل خمطا أكلا لمجاورته إياه ، وكونه سببا له(١٢) إلا أن الفارسيّ ردّ كونه بدلا قال : لأنّ الخمط ليس بالأكل نفسه (١٣) ، وقد تقدم جواب أبي البقاء ، وقد أجاب بعضهم عنه وهو منتزع من كلام الزمخشري أي أنه
__________________
(١) قال بذلك العلامة الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٢٤٩ والفراء في معاني القرآن أيضا ٢ / ٣٥٩.
(٢) ذكره أبو عبيدة في المجاز ٢ / ١٤٧.
(٣) معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٢٤٩.
(٤) ذكره في اللسان «خمط» ١٢٦٧ وانظر هذا كله في اللسان المرجع السابق.
(٥) ذكره البغوي في معالم التنزيل ٥ / ٢٨٨ وقد فسر ابن قتيبة في تفسيره غريب القرآن الخمط بشجر العضاه. انظر : الغريب ٣٥٦.
(٦) قاله في الدر المصون ٤ / ٤٢٩.
(٧) بتقديم وتأخير في عبارته من الكشف ٢ / ٢٠٧ وانظر الكشاف للزمخشري ٣ / ٢٨٥ وانظر : البيان لابن الأنباري ٢ / ٢٧٨ و ٢٧٩.
(٨) الدر المصون ٤ / ٤٢٩.
(٩) قال ذلك في الكشاف ٣ / ٢٨٥.
(١٠) البحر المحيط ٧ / ٢٧١.
(١١) قال في اللسان : العرفج والعرفج بفتح العين وكسرها نبت دقيق واحدته عرفجة وهذا الوصف الجامد يؤوّل بالمشتق وهو لفظ كثير.
(١٢) قال هذا في تبيانه ١٠٦٦.
(١٣) قال في الحجة ٦ / ١٧٢ و ١٧٣ : «لأنه ليس هو هو ولا بعضه لأن الجنى من الشجرة وليس الشجرة من الجنى فيكون إجراؤه عليه على وجه عطف البيان» فقد جعله عطف بيان لا بدلا.