الثالث : أن العلوم الموجودة (١) فيه كثيرة جدا. وقد شرح ابن الخطيب منها أقساما كثيرة (٢).
قوله : «كتابا» فيه وجهان :
أظهرهما : أنه بدل من : (أَحْسَنَ الْحَدِيثِ)(٣).
والثاني : أنّه حال منه (٤) ، قال أبو حيان ، لمّا نقله عن الزمخشري : وكأنه بناه على أن «أحسن الحديث» معرفة لإضافته إلى معرفة ، وأفعل التفضيل إذا أضيف إلى معرفة فيه خلاف ، فقيل : إضافته محضة ، وقيل : غير محضة.
قال شهاب الدين : وعلى تقدير كونه نكرة يحسن أيضا أن يكون حالا ؛ لأن النكرة متى أضيفت ساغ مجيء الحال منها بلا خلاف ، والصحيح أن إضافة «أفعل» محضة (٥) وقوله : «متشابها» نعت «لكتاب». وهو (٦) المسوّغ لمجيء الجامد حالا ، أو لأنه في قوّة «مكتوب» (٧) ، أو تمييزا منقولا من الفاعلية أي متشابها مثانيه. وإلى هذا ذهب الزمخشريّ (٨).
قوله : «مثاني» قرأ العامة مثاني ـ بفتح الياء ـ صفة ثانية ، أو حالا (٩) أخرى. وقرأ هشام عن ابن عامر وأبو بشر بسكونها (١٠) ، وفيها وجهان :
أحدهما : أنه من تسكين حرف العلة استثقالا للحركة عليه كقراءة : (تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) [المائدة : ٨٩] ، (و) (قوله) (١١) :
٤٢٩٦ ـ كأنّ أيديهنّ ... |
|
..........(١٢) |
__________________
(١) وفيها المؤخرة بدل الموجودة وانظر : الرازي ٢٦ / ٢٦٨.
(٢) تفسيره السابق ٢٦ / ٢٦٦ : ٢٧١ وقد نقل الإمام السيوطي في الإتقان بعد ما أفرد نوعا خاصا بإعجازه : أفرده بالتصنيف خلائق منهم الرّماني والخطّابي والزملكاني والإمام الرازي ، وابن سراقة ، والقاضي أبو بكر الباقلّاني. وانظر : الإتقان ٢ / ١٤٨ ، وإعجاز القرآن للباقلاني بهامش الإتقان ٥٨.
(٣) التبيان ١١١٠ والدر المصون ٤ / ٦٤٦.
(٤) المرجع السابق وقال بالوجهين أيضا : الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٩٤ وأبو حيان في البحر ٧ / ٤٢٣.
(٥) قاله في الدر المصون ٤ / ٦٤٧.
(٦) أي النعت وهو متشابها.
(٧) اسم مفعول. وانظر هذه الإعرابات في الدر المصون ٤ / ٦٤٧.
(٨) الكشاف ٣ / ٣٩٥.
(٩) الدر المصون المرجع السابق.
(١٠) ذكرها أبو حيان في البحر ٧ / ٤٢٣ والسمين في الدر ٤ / ٦٤٧.
(١١) زيادات للسياق.
(١٢) بعض شطر بيت من الرجز لرؤبة بن العجاج وتمامه :
... بالقاع القرق |
|
أيدي جوار يتعاطين الورق |
وهو يتحدث عن الإبل ، والقاع : المكان المستوي ، والقرق : الأملس الذي لا حجارة فيه ، والورق : الدراهم والشاهد عند المؤلف الذي تبع أبا حيان تسكين حرف العلة فلم يفتح برغم أن «كأن» قبله. ـ