قوله : (سَلَماً لِرَجُلٍ) قرأ ابن كثير وأبو عمرو سالما بالألف وكسر اللام ، والباقون سلما بفتح السين واللّام (١) ، وابن جبير بكسر السين وسكون اللام (٢) ، (قال ابن (٣) الخطيب : ويقال أيضا : بفتح السين وسكون اللام) ، فالقراءة الأولى اسم فاعل من سلم له كذا فهو سالم. والقراءتان الأخيرتان سلما وسلما فهما مصدران وصف بهما على سبيل المبالغة أو على حذف مضاف ، أو على وقوعهما موقع اسم الفاعل فيعود كالقراءة الأولى (٤) ، وقرىء : «ورجل سالم» برفعهما (٥) وفيه وجهان :
أحدهما : أن يكون مبتدأ والخبر محذوف تقديره وهناك رجل سالم لرجل (٦) ، كذا قدره الزمخشريّ.
الثاني : أنه مبتدأ ، و «سالم» خبره (٧) ، وجاز الابتداء بالنكرة لأنه موضع تفصيل كقول أمرىء القيس :
٤٢٩٩ ـ إذا ما بكى من خلفها انصرفت له |
|
بشقّ وشقّ عندنا لم يحوّل (٨) |
وقولهم : «النّاس رجلان رجل أكرمت ورجل أهنت».
قوله : «مثلا» منصوب على التمييز المنقول من الفاعلية إذ الأصل : هل يستوي مثلهما ، وأفرد التمييز لأنه مقتصر (٩) عليه أولا في قوله : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً)(١٠). وقرىء «مثلين» (١١) فطابق حال الرجلين. وقال الزمخشري فيمن (١٢) قرأ مثلين : إنّ الضمير في «يستويان» «للمثلين» لأن التقدير : مثل رجل ومثل رجل ، والمعنى هل يستويان فيما يرجع إلى الوصفية كما تقول : كفى بهما رجلين (١٣). قال أبو حيان : والظاهر أنه يعود (١٤)
__________________
(١) من القراءة المتواترة نقلها صاحب الإتحاف ٣٧٥ ، وصاحب السبعة ٥٦٢ والإمام القرطبي ١٥ / ٢٥٣ والكشاف ٣ / ٣٩٧.
(٢) الكشاف المرجع السابق والبحر المحيط ٧ / ٤٢٤ والقرطبي ١٥ / ٢٥٣.
(٣) ما بين القوسين سقط من ب وانظر : الرازي ٢٦ / ٢٧٧.
(٤) قاله الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٩٧ ، والسمين في الدر ٤ / ٦٥٠.
(٥) المرجعين السابقين وانظر أيضا صاحب البحر ٧ / ٤٢٤ ، ٤٢٥ والرازي ٢٦ / ٢٧٧.
(٦) الكشاف ٣ / ٣٩٧ وذكره أيضا صاحب الدر ٤ / ٦٥٠.
(٧) السابق وقال بهذا الرأي أبو حيان في البحر ٧ / ٤٢٥.
(٨) البيت من الطويل وهو من معلقته المشهورة وشاهده : «وشق عندنا لم يحول» حيث ابتدأ بالنكرة لأن الموضع موضع تفصيل. وهذا أحد المواضع التي يجوز فيها الابتداء بالنكرة. وقد تقدم.
(٩) في «ب» يقتصر.
(١٠) قاله الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٩٧ والسمين في الدر ٤ / ٦٥٠.
(١١) المرجعان السابقان ولم تعز لأحد فيهما.
(١٢) في ب : فمن.
(١٣) الكشاف المرجع السابق.
(١٤) في «ب» : يقول خطأ.