قلت : العامل فيه «إذا» الفجائية (١) تقديره وقت ذكر الّذين من دونه فاجأوا وقت الاستبشار(٢).
قال أبو حيان : أما قول الزمخشري فلا أعلمه من قول من ينتمي إلى النحو وهو أن الظرفين معمولان (٣) «لفاجأوا» ثمّ «إذا» الأولى تنصب على الظرفية والثانية على المفعولية (٤). وقال الحوفي : (إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) «إذا» مضافة إلى الابتداء والخبر ، و «إذا» مكررة للتوكيد ، وحذف ما يضاف إليه ، والتقدير : إذا كان ذلك هم يستبشرون ، فيكون (هم يستبشرون) هو العامل في «إذا» المعنى : إذا كان كذلك استبشروا (٥).
قال أبو حيان : هذا يبعد (٦) جدا عن الصواب إذا (٧) جعل «إذا» مضافة إلى الابتداء والخبر ، ثم قال و «إذا» مكررة للتوكيد وحذف ما يضاف (٨) إليه إلى آخر كلامه. (فإذا كانت (٩) إذا حذف ما يضاف إليه) فكيف تكون مضافة إلى الإبتداء والخبر الذي هو (هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)! وهذا كله يوجبه عدم الإتقان لعلم النحو والتحذق (١٠) فيه ، انتهى (١١).
قال شهاب الدين : وفي هذه العبارة تحامل على أهل العلم المرجوع إليهم فيه (١٢). واختار أبو حيان أن يكون العامل في «إذا» الشرطية الفعل بعدها لا جوابها وأنها ليست مضافة لما بعدها سواء كانت زمانا أم مكانا أما إذا قيل : إنها حرف فلا يحتاج إلى عامل. وهي رابطة لجملة الجزاء بالشرط كالفاء (١٣).
والاشمئزاز النفور والتّقبض (١٤) ، وقال أبو زيد : هو الذعر (١٥) ، اشمأزّ فلان أي ذعر ووزنه افعللّ كاقشعرّ ، قال الشاعر :
__________________
(١) في الكشاف : العامل في إذا المفاجأة.
(٢) نقله الكشاف ٣ / ٤٠١.
(٣) في البحر : معمولان لعامل واحد ثم إذا الأولى ...
(٤) وفيه : على المفعول به. وانظر بحر أبي حيان ٧ / ٤٣١.
(٥) المرجع السابق وانظر كذلك الدر المصون لشهاب الدين السمين ٤ / ٦٥٥.
(٦) في البحر : فبعيد جدّا.
(٧) نقله المؤلف عن السمين ففي السمين «إذا» المستقبلية وفي البحر «إذ» التعليلية الماضوية.
(٨) في البحر : تضاف بالتاء.
(٩) ما بين القوسين زيادة توضيحية من السمين في «الدرّ» عن البحر المحيط. انظر الدر ٤ / ٦٥٥.
(١٠) في البحر : والتحدث من الحديث لا من الحذق وما أثبته المؤلف هو ما أثبته صاحب الدر المصون السابق.
(١١) البحر ٧ / ٤٣١ ، ٤٣٢.
(١٢) الدر المصون ٤ / ٦٥٥ وذلك أنه كعادته قد تعقب الزمخشري ومن بعده الحوفي ونسب إليهم عدم التحري والدقة في النحو.
(١٣) انظر البحر المحيط ٧ / ٤٣٢.
(١٤) انظر : المراجع السابقة.
(١٥) قاله في اللسان «شمز» ٢٣٢٤.