فأضيف التوفّي في آية إلى الله تعالى وهي الإضافة الحقيقة ، وفي آية إلى ملك الموت لأن الرئيس في هذا العمل وفي آية إلى أتباعه والله أعلم (١).
قوله : (أَمِ اتَّخَذُوا) أم منقطعة فتقدر ببل والهمزة (٢).
واعلم أن الكفار أوردوا على هذا الكلام سؤالا قالوا : نحن لا نعبد هذه الأصنام لاعتقاد أنها تضر وتنفع وإنما نعبدها لأجل أنها تماثيل لأشخاص كانوا عنده من المقربين فنحن نعبدها لأجل أن يصير أولئك الأكابر شفعاء فأجاب الله تعالى بأن قال (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ)(٣).
قوله : (قُلْ أَوَلَوْ كانُوا) تقدم الكلام على نحو «أولو» وكيف هذا التركيب (٤) ، والمعنى قل يا محمّد أولو كانوا أي وإن كانوا يعني الآلهة (لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً) من الشفاعة (وَلا يَعْقِلُونَ) أنكم تعبدونهم ، وجواب هذا محذوف تقديره وإن كانوا بهذه الصفة تتخذونهم (٥).
قوله : (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) قال مجاهد : لا يشفع أحد إلا بإذنه (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
قوله : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ) نفرت ، قال ابن عباس ومجاهد ومقاتل : أي انقبضت عن التّوحيد وقال قتادة استكبرت ، وأصل الاشمئزاز النّفور والاستكبار (٦)(قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) وهذا نوع آخر من أعمال المشركين القبيحة (وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) يعني الأصنام (إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) يعني يفرحون. قال مجاهد ومقاتل : وذلك حين قرأ النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ سورة والنجم فألقى الشيطان في أمنيّته «تلك الغرانيق (٧) العلا» ففرح به الكفار.
قوله : (وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ) قال الزمخشري : فإن قلت : ما العامل في : (إِذا ذُكِرَ)؟
__________________
(١) وانظر هذا مع تغيير طفيف في الرازي ٢٦ / ٢٨٥.
(٢) قاله الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٠٠ والسمين في الدر ٤ / ٦٥٤.
(٣) الرازي السابق.
(٤) لعل المؤلف يقصد : «أفمن شرح الله ، وأ فمن يتقي» مما تدخل عليه همزة الاستفهام من الواو وقد سبق رأي الجمهور بما فيهم سيبويه ورأي الزمخشري.
(٥) قاله الإمام البغوي في معالم التنزيل ٦ / ٧٨.
(٦) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٣٥٦ وانظر أيضا مجاز القرآن لأبي عبيدة ٢ / ١٩٠ ولسان العرب لابن منظور «ش م ز» ٢٣٢٤.
(٧) هي الأصنام وهي في الأصل الذكور من طير الماء وواحدها غرنوق وغرنيق سمي به لبياضه وقيل : هي الكركي ويجوز أن تكون جمع الغرانق وهو الحسن ، وانظر تفاصيل أخرى لها في اللسان «غ ر ن ق» ٣٢٤٩.