المحفوظ (١) ، وقرأ زيد بن علي بخفض راء أصغر وأكبر (٢) وهي مشكلة جدّا ، وخرجت على أنهما في نية الإضافة إذ الأصل : «ولا أصغره ولا أكبره» وما لا ينصرف إذا أضيف انجر في موضع الجر ثم حذف المضاف إليه ونوي معناه فترك المضاف بحاله (٣) وله نظائر كقولهم :
٤١٠٢ ـ بين ذراعي وجبهة الأسد (٤)
٤١٠٣ ـ يا تيم تيم عديّ (٥)
على خلاف (٦). وقد يفرق بأن هناك ما يدل على المحذوف لفظا بخلاف هنا.
وقد ردّ بعضهم هذا التخريج لوجود «من» ؛ لأنّ «أفعل» متى أضيف لم يجامع «من» وأجيب عن ذلك بوجهين :
أحدهما : أن (من) ليست متعلقة «بأفعل» بل بمحذوف على سبيل البيان ؛ لأنه لما حذف المضاف إليه أبهم المضاف فبين «بمن» ومجرورها أي أعني من ذلك.
والثاني : أنه مع تقديره للمضاف إليه نوي طرحه ، فلذلك أتى «بمن» (٧) ويدل على ذلك أنه قد ورد التصريح بالإضافة مع وجود «من» قال الشاعر :
٤١٠٤ ـ نحن بغرس الوديّ أعلمنا |
|
منّا بركض الجياد في السّدف (٨) |
__________________
(١) البحر المحيط ٧ / ٢٥٨.
(٢) المرجع السابق. وقال صاحب شواذ القرآن : وقرىء بالجر والتنوين منصرفا. الشواذ ١٩٦ وهي قراءة شاذة لما أخبر فوق ولما سيأتي بعد.
(٣) هذا التعليل والتوجيه من كلام أبي حيان في البحر ٧ / ٢٥٨.
(٤) سبق هذا البيت.
(٥) هذا بعض بيت من البسيط وهو بتمامه :
... لا أبا لكم |
|
لا يلفينكم في سوأة عمر |
وعمر هو ابن لجأ التيمي كان بينه وبين جرير مهاجاة. والشاهد في «تيم» الأولى حيث حذف المضاف إليه ونوى معناه وترك المضاف بحاله. وهذا زعم أبي حيان ومن حذا حذوه والأصل : يا تيم عدي يا تيم عدي.
(٦) فمن العلماء ـ كسيبويه ـ يرى أن الثاني مقحم بين المضاف والمضاف إليه ، ويجوز أن يكون الأول مضموما على أنه منادى علم ، والثاني : بدلا من الأول أو عطف بيان أو منادى مضاف وحذف المضاف إليه لدلالة الثاني عليه ، انظر : الكتاب ١ / ٥٣ و ٢ / ٢٥ والمقتضب ٤ / ٢٢٩ والأشموني ٣ / ١٥٥.
(٧) هذان التخريجان قالهما أبو حيان ـ بالمعنى ـ في بحره ٧ / ٢٥٨ ومن بعده السمين في الدّر المصون ٤ / ٤٠٩.
(٨) البيت من المنسرح وهو لسعد القرقرة ، أو قيس بن الخطيم والوجه الأول. ويروى «بالخيل» بدل «بالجياد» وهو الأصح حتى لا ينكسر البيت عروضيا. والوديّ النخل الصغير واحدته : ودية ، السّدف : الصبح في أوله ، ونحن مبتدأ ، وأعلمنا هو الخبر وهو موطن الشاهد حيث جمع بين الإضافة مع وجود «من» وقد خرج على التعلق بمحذوف وإما نية طرح المضاف إليه. وانظر : البحر المحيط ٧ / ٢٥٨ والأشموني ٣ / ٤٧ والمغني ٤٤١ وشرح شواهده للسيوطي ٨٤٥ ولسان العرب (سدف) وملحقات ديوان قيس بن الخطيم ٢٣٦ وتوضيح المقاصد ٣ / ١١٩.