تكون النفوس الخيرة مع أمثالها والنفوس الشريرة كذلك ؛ لما بينهما من التباعد والتباين ، فلا تلائم بين الصنفين أيضا ، فإنّ أرواح المطيعين ونفوس المؤمنين لا تميل ولا تستقرّ إلّا مع النفوس الّتي تماثلها وتكون قريبة بينهم وفي أفقهم ، أي من سنخهم ، وهي النفوس الرفيعة القدسيّة.
على أنّ ذلك يلازم دخول الجنّات الّتي تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها. ولعلّ التعبير بقوله تعالى : (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ) ، وقوله تعالى في ذيل الآية المباركة : (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) ، يدلان على ما ذكرناه ، والله العالم بالحقائق.
وفي الآية الشريفة إشارة إلى أنّه ينبغي للمؤمن أن يسعى في تكميل نفسه بالصلاح ، ويترقّى إلى مرتبة الشهادة ، ثمّ إلى مرتبة الصديقيّة ، الّتي ليست بينها وبين مرتبة النبيّين أية واسطة إلّا الوحي.
والحسن الوارد في قوله تعالي : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) من الصفات الّتي لها مراتب متفاوتة شدّة وضعفا وكمالا. وأنّ المراد من الحسن الحسن في الرفاقة في عالم الدنيا ، ويستلزم الحسن في عالم الآخرة ، بل لا يتمّ حسن إلّا به.