وكيف كان ، فتدلّ الرواية على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله جمع بين الصلاتين ، وكان يقدّم ويؤخّر ، وذلك يدلّ على الاستمرار.
والمراد بقوله عليهالسلام : «إنّما عنّى وجوبها على المؤمنين» ، أي : الوجوب الخاصّ وهو إتيان الصلوات في الأوقات الخمسة المعينة ؛ لأنّ فيه عناية خاصّة لا تشمل كلّ أحد ، فلا ينافي ما ذكرناه في رواية داود بن فرقد من شمول الوجوب لجميع الناس حتّى الكافر.
والرواية لا تدلّ على فوت الصلاة عن عليّ عليهالسلام ، بل فوت الصلاة عن الناس الّذين كانوا معه ، كما هو المنساق منها.
وفي الكافي بإسناده عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) قال : يعني مفروضا ، وليس يعني وقت وقتها ان جاز ذلك الوقت ثمّ صلّاها لم تكن صلاته هذه مؤدّاة ، ولو كانت كذلك لهلك ابن داود عليهالسلام حين صلّاها لغير وقتها ، ولكنّه متى ذكرها صلّاها».
أقول : يستفاد منها أنّ الصلاة واجبة ، وأنّ التوقيت الزمني في الصلاة المفروضة من باب تعدّد المطلوب. وأمّا صلاة ابن داود عليهالسلام الّتي صلّاها في غير وقتها يمكن أن يكون ذلك لمصلحة فيها ، كتشريع القضاء عملا أو غير ذلك تحفّظا على العصمة في الأنبياء عليهمالسلام.
وفي الدرّ المنثور بإسناد متّصل عن يعلى بن أمية قال : «سألت عمر بن الخطاب قلت : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، وقد أمن الناس؟ فقال لي عمر : عجبت ممّا عجبت منه فسألت رسول الله صلىاللهعليهوآله عن ذلك فقال : صدقة تصدّق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته».
أقول : تقدّم أنّ الخوف من باب إحدى حكم التشريع ، وكانت الأسفار القديمة ـ خصوصا في صدر الإسلام ـ مقرونة بالخوف من الكفّار الّذين كانوا أعداء المسلمين. والمراد بالصدقة هو أنّ تشريع القصر في الصلاة في السفر عطيّة