وفي تفسير العياشي عن قتيبة الأعشى قال : «سألت الصادق عليهالسلام عن قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)؟ قال : دخل في الاستثناء كلّ شيء» ، وفي رواية أخرى عنه عليهالسلام أيضا : «دخل الكبائر في الاستثناء».
أقول : يستفاد من مضامين الآيات الشريفة والسنن المعصوميّة أنّ المناط في الغفران ـ أو نيل الشفاعة في يوم القيامة ـ هو الموت مع الإيمان بالله تعالى ، فإذا انسلخ الإيمان وحلّ محلّه الشرك ، فالغفران عنه بعيد ولا تشمله الشفاعة أيضا ، ويدلّ على ما ذكرنا عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «ما من عبد يموت لا يشرك بالله شيئا إلّا حلّت له المغفرة ، إن شاء غفر له ، وإن شاء عذّبه» ، وتقدّم أنّ للشرك مراتب متفاوتة جدا.
وفي البخاري ومسلم والنسائي والترمذي عن أبي ذر قال : «أتيت رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : ما من عبد قال : لا إله إلّا الله ، ثمّ مات على ذلك إلّا دخل الجنّة ، قلت : وإن زنى وإن سرق؟! قال صلىاللهعليهوآله : وإن زنى وإن سرق ، قلت : وإن زنى وإن سرق؟! قال صلىاللهعليهوآله : وإن زنى وإن سرق ، ثلاثا ثمّ قال في الرابعة : على رغم أنف أبي ذر».
أقول : تقدّم أنّ المراد من قول : «لا إله إلّا الله» مع الشرائط والموت مع العقيدة به ، لا مجرّد التلفّظ به ، ولعلّ المراد من ذيل الحديث أنّ الغفران لا يكون تحت سلطة العباد ، بل هو مختصّ به تعالى ، ولا بدّ من تقييده بعدم وجود مظالم العباد عليه ، وإلّا يتوقّف الغفران على أدائها أو إسقاطها ، كما مرّ في الروايات السابقة.
وعن البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «قال الله عزوجل : من علم أنّي ذو قدرة على مغفرة الذنوب ، غفرت له ولا أبالي ما لم يشرك بي شيئا».