أن يجانس المذكور بعده ما قبله وإن حذف ما بعده ، فإذا قيل : قال المتنبئ وآخر ، أي : من الشعراء ، وذكر هؤلاء أنّه من هنا جاء الفرق بين (غير) و (آخر) ، فإنّ (غيرا) تقع على المغائر في الجنس أو الوصف ، و (آخر) لا يقع إلّا على المغائرة بين أبعاض جنس واحد.
وتطرّف آخرون حيث ذكروا أنّ (آخر) إنّما يقابل ما كان من جنسه تثنية وجمعا وإفرادا.
ولكنّه مردود بورود خلاف ذلك في كلام العرب ، قال ربيعة بن يكدم :
ولقد شفعتهما بآخر ثالث |
|
وأبي الفرار إلى الغداة تكرمي |
وقال أبو دحية النميري :
وكنت أمشي على ثنتين معتللا |
|
فصرت أمشي على أخرى من الشجر |
وكيف كان ، فقد ذهب جمع آخرون منهم نجم الأئمة الرضي إلى عدم الاشتراط واحتجّوا بأنّ الاشتراط لم يكن متّفقا عليه ، وأنّه يكفي الاشتراك بين المتقدّم والمتأخّر في عنوان واحد ؛ ولذلك صحّ أن يقال : جاءني زيد وآخر ، على تقدير : ورجل آخر ، أو يقال : اشتريت فرسا ومركوبا آخر ، لاشتراكهما في عنوان المركوبيّة ونحو ذلك ، بلا فرق بين التثنية والجمع والإفراد ، ولكن ذلك يختصّ بما إذا كان حقيقتهما واحدة وإلّا فلا يجوز ، فلا يصحّ أن يقال : رأيت المشتري والمشترى الآخر ، تريد بأحدهما الكوكب وبالآخر مقابل البائع. وبناء عليه لا يشترط الاتّفاق في التذكير أو التأنيث ، فيجوز : جاءني جاريتك وإنسان آخر ، قال عنترة :
والخيل تقتحم الغبار عوابسا |
|
من بين منظمة وآخر ينظم |
والحقّ أن يقال : إنّ (آخر) إنّما يؤتى به في مورد يتوهّم اتّحاد ما قبله لما بعده ، فتظهر به المغائرة ، وحينئذ لا تختصّ الاتّحاد في الجنس ، بل يصحّ في غيره ولو على ضرب من التأويل ، وبذلك يمكن الجمع بين الكلمات ، فمن قال بالاختصاص ـ أي :