ففارق ثمّ أتاه فسأله عن حاله ، فقال : أثريت وحسن حالي ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّي أمرتك بأمرين أمر الله بهما ، قال الله عزوجل : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) ، وقال تعالى : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ)».
أقول : الآثار الوضعيّة في الآيات المباركة غير قابلة للإنكار ، فإنّ وعوده تعالى حقائق فعليّة ولا نقص في قدرته عزوجل ، وإنّ التخلّف لو تحقّق إنّما يكون لنقص أو وجود مانع في الطرف ، كما تقدّم.
وفي مصباح الشريعة قال أبو عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ) في هذه الآية : «قد جمع الله ما يتواصى به المتواصون من الأوّلين والآخرين في خصلة واحدة وهي التقوى ، وفيه جماع كلّ عبادة صالحة ، وبه وصل من وصل إلى الدرجات العلى والرتبة القصوى ، وبه عاش من عاش بالحياة الطيبة والانس الدمث ، قال الله عزوجل : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)».
أقول : تقدّم أنّ للتقوى مراتب متفاوتة ولكلّ منها درجة ، فالإيمان هو التقوى ومن لم يتق فكأنّه ليس بمؤمن ، بل هو كافر ـ حسب اختلاف مراتبه ـ فالتقوى هي الركيزة الأولى في الانتساب العملي والقلبي (العقيدة) إلى الله سبحانه وتعالى ، وهذا ما يستفاد من الآيات الشريفة لمن تدبّر فيها.
وعن البيضاوي في تفسير قوله تعالى : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ) قال : «وروي أنّ الآية لما نزلت ضرب رسول الله صلىاللهعليهوآله على ظهر سلمان (رضوان الله تعالى عليه) وقال : إنّه قوم هذا».
أقول : يستفاد من الرواية أنّ قوم سلمان لهم الأهليّة بتبديل الناس بهم للصفة اللائقة لذلك فيهم ، وهي التقوى كما مرّ في التفسير والرواية من باب ذكر المصداق.