أكن مع رسول اللّه صلىاللهعليهوآله لكانوا بذلك مشركين ، وإذا أصابهم فضل من اللّه قال : يا ليتني كنت معهم فأقاتل في سبيل اللّه».
أقول : المراد بتسميتهم بالمؤمن لأنّهم تلبّسوا بأدنى مرتبة الإيمان في الظاهر ، وليسوا هم بمؤمنين ، أي واقعا وحقيقة ، وتقدّم في التفسير أيضا ، والمراد من الشرك المرتبة الأولى منه ، الّتي لا تنافي إجراء أحكام الإسلام عليه ؛ لأنّ للشرك مراتب متفاوتة ، وفي كلّ مرتبة درجات ، وفي كلّ درجة فيها شدّة وضعفا.
وعن أبي علي الطبرسي قال : «قال الصادق عليهالسلام: ولو أنّ أهل السماء والأرض قالوا : قد أنعم اللّه علينا إذ لم نكن مع رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، لكانوا بذلك مشركين».
أقول : لأنّ ذلك خلاف التوحيد الكامل والعبوديّة المحضة ، فإنّهم أظهروا الفرح على عدم إصابتهم المصيبة معه صلىاللهعليهوآله ، وشأن المؤمن أن يشارك معه ، وتقدّم أنّ للشرك مراتب تختلف حسب من يتلبّس به ، وحسب العقيدة وغيرهما.
وفي تفسير علي بن إبراهيم قال الصادق عليهالسلام: «واللّه ، لو قال هذه الكلمة أهل المشرق والمغرب لكانوا بها خارجين عن الإيمان ، ولكن قد سمّاهم مؤمنين بإقرارهم».
أقول : المراد من الخروج عن الإيمان الخروج عن طاعة اللّه ورسوله ، أو الخروج عن حدّ الكمال والمرتبة الأعلى منه ـ كما مرّ ـ فإنّ للإيمان مراتب متفاوتة جدّاً.
البيهقي في سننه بطريقه عن ابن عباس في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) عصبا وفرقا. قال : نسخها (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) [سورة التوبة ، الآية : ١٢٢].
أقول : ليس بينهما شرائط النسخ ، إذ آية الحذر في الحرب والقتال ، وآية النفر