أقول : صدر الرواية يبيّن المستضعفين في الإيمان ، أي من له أدنى مرتبة الإيمان ، فإنّ له مراتب كثيرة كما تقدّم ، وأمّا ذيلها فإنّه من باب التطبيق وذكر أجلى المصاديق وبيان ما طرأ عليهم من غصب حقوقهم عليهمالسلام.
وفي الدرّ المنثور عن سعيد بن جبير : «في قوله تعالى : (فَلْيُقاتِلْ)، يعني يقاتل المشركين(فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ، قال : في طاعة اللّه ،(وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ) ، يعني يقتله العدو ،(أَوْ يَغْلِبْ) يعني يغلب العدو من المشركين ،(فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) يعني جزاء وافرا في الجنّة ، فجعل القاتل والمقتول من المسلمين في جهاد المشركين شريكين في الأجر».
أقول : الرواية من باب التفسير للآية المباركة ، وتقدّم أنّ القتل في سبيله تعالى يكون من إحدى الحسنيين ، وكذا من يقتل من العدو أو من وقع في الأسر في يد العدو ، فكلّ مشقّة يتحمّلها المجاهد في سبيل اللّه تعالى فله أجره عند ربّه ، كما تقدّم في الآيات السابقة.
وعن ابن عباس قال : «إذا رأيتم الشيطان فلا تخافوه واحملوا عليه (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً)».
أقول : كيد الشيطان بالنسبة إلى نصرة الرحمن وهدايته كان ضعيفا ، وأمّا بالنسبة إلى المؤمن فهو تابع لإيمانه ، فكلّما اشتدّ إيمان المؤمن باللّه تعالى وكثر إخلاصه له سبحانه ووفى بعهد الربوبيّة وزاد في توكّله عليه ، علا شأنه وضعف كيد الشيطان وأمن من مكره ، وإذا قلّ إيمانه باللّه تعالى ولم يف بعهد الربوبيّة ، قوي كيد الشيطان بالنسبة له ، وهذا ما يستفاد من الآيات الكثيرة والروايات المتواترة عن المعصومين عليهمالسلام ، ولدفع الشيطان وبعده عن الإنسان طرق كثيرة معروفة عند أهل العرفان.