المطابقة للواقع أو اشتماله على ما لا يلائم ولا يلتئم مع الفطرة والعقل السليم ، كما أنّه لا يقبل المعارضة ، كما تحدّى به الرسول الكريم بالإتيان بمثله أو بعشر سور من مثله.
السادس : أنّ القرآن الكريم كتاب هداية وتربية وتوجيه ، وقد أنزله الله تعالى لتربية هذه الأمّة وإنشائها وإعدادها إعدادا كاملا ؛ لتكون أمّة صالحة ، فلا بد أن يكون جامعا وحاويا لجميع ميادين التربية في حياة الإنسان ، فهو كتاب توحيد خالص من شوائب الشرك والإلحاد ، وكتاب حكمة ومعارف حقّة ، وكتاب تربية الروح والعقل ، وتزكية النفس وتربية الجسد ، وكتاب تربية الفرد والاجتماع ، وسوق كلّ منهما إلى منتهى الكمال ، وكتاب أخلاق يحتوي على جميع الفضائل العامّة الإنسانيّة.
كما أنّه كتاب يوازن بين مطالب الجسد ومطالب الروح ، وبين الدنيا والآخرة ، بلا اختلاف يتداخل فيه جميع الشؤون المرتبطة بالإنسانيّة على نحو الاعجاز في كلّ جانب ، فهو كتاب كما وصفه عليّ عليهالسلام : «ظاهره أنيق ، وباطنه عميق ، لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ، لا تكشف الظلمات إلّا به» فهدفه اعداد الإنسان الصالح وترقيه من حضيض الرذيلة إلى أوج الشرف والكمال.
السابع : ان مثل هذا الكتاب لا يمكن ان يصدر من عند غير الله تعالى ، سواء كان إنسانا أو ملكا أو مخلوقا آخر ، لأنّ غيره قرين النقص والاختلاف ، فلا يمكن أن يصدر منه ما ليس فيه الاختلاف ، وأنّ الكمال مهما بلغ من الشأن في المخلوق محدود ، والقرآن بعجائبه وغرائبه غير محدود ، فهو المعجزة الخالدة ، يخضع له العلماء وجهابذة الفكر والمرتبطون باللاهوت السرمدي الأبدي ، والمتّصلون بالمبدأ الحيّ القيوم في جميع العصور غاية الخضوع ، ويستنيرون عقولهم منه ، ويعجبون به أشدّ الإعجاب.