______________________________________________________
أن المراد منها التحديد في الإخفات من طرفي الأقل والأكثر ـ كما هو مقتضى إطلاقها ـ فيكون التحديد بالنسبة إلى الجهر بالإضافة إلى الأقل ، وبالنسبة إلى الإخفات بالإضافة الى كل من الأقل والأكثر ، وعن الموجز : « إن أعلى الإخفات أدنى الجهر » ، وإشكال التصادق وارد عليها كاشكال المساهلة في التعبير ، إذ العبارة التي يؤدي بها التصادق بلا مساهلة هي : « إن أدنى الجهر أدنى الإخفات » لا أعلى الإخفات ، لما عرفت من أن أعلى الإخفات أشد إخفاتاً.
وكيف كان فظاهر الجميع : أن المائز بين الجهر والإخفات إسماع الغير وعدمه ، غاية الأمر أن مقتضى بعض العبارات أنه يعتبر في الإخفات عدم إسماع البعيد ، فيكون بينهما العموم من وجه ، لا عدم الاسماع أصلا ـ كما يقتضيه البعض الآخر منها ـ ليكون بينهما التباين.
والذي ذكره المحقق الثاني ومن تأخر عنه أن المائز بينهما إظهار الصوت على النحو المعهود وعدمه ، فالجهر إظهار الصوت ويلزمه إسماع الغير ، وإخفاؤه وهمه إخفات وإن سمعه القريب ، وقد يظهر من عبارته أن ذلك مراد الأصحاب قال (ره) : « الجهر والإخفات حقيقتان متضادتان كما صرح به المصنف (ره) في النهاية ، عرفيتان يمتنع تصادقهما في شيء من الافراد الى أن قال : وربما وقع في عبارات الفقهاء التنبيه على مدلولهما من غير التزام لكون ذلك التنبيه ضابطاً ، فتوهم من زعم أن مرادهم من ذلك الضابط أن بينهما تصادقا في بعض الافراد ، وبطلانه معلوم ».
هذا ولأجل أنه لم يرد من قبل الشارع الأقدس تحديد لهما فمقتضى الإطلاق المقامي الرجوع فيهما الى العرف كسائر المفاهيم المأخوذة موضوعا للأحكام في الكتاب والسنة ، وما ذكره المحقق (ره) هو الموافق للعرف فيتعين الركون اليه. ودعوى الإجماع على خلافه ممنوعة ، ولو سلمت فالإجماع