البرهنة والجدال ، وان كان العلماء قديما وحديثا اتوا فى كتبهم بما قد دمغهم ودقهم وردهم عن حريم الانسانية واخجلهم عند الدابة والبهيمة ، ومع ذلك قد يسرقون عقول الضعفاء ويركبون على اعناق الجهلاء ويدعون حزبهم ليكونوا من اصحاب النار ، هذا وان للطاغين لشر مآب.
واما تلك الاجرام الصغار التى توهمها ذى مقراطيس فلا حقيقة لها لان غير المتناهى ليس فى الوجود وكل ما يقع فى الوجود فهو متناه ، ولو كانت لكانت ممكنة محتاجة الى الواجب بالذات وكان تكوّن العوالم منها بتأثير من العالم القادر.
واما حل المثالين وغيرهما فان للعثور على الكنز مثلا سببا اراديا هو الحافر الا انه سبب بالعرض لا بالذات ، والقول بان الممكن لا يوجد بلا سبب لا يوجب ان يكون كل سبب بالذات بل فى الوجود اسباب بالعرض لا تحصى ، نعم ما بالعرض لا يكون الا مسبوقا بما بالذات فان الحافر سبب ارادى بالذات للعثور على الماء وسبب ارادى بالعرض للعثور على الكنز كما ان الاول غاية بالذات والثانى غاية بالعرض.
وفرقة اخرى على جانب التفريط انكروا السبب الاتفاقى والغاية الاتفاقية بالمعنى الصحيح الواقع أيضا ، وقالوا لا معنى للاتفاق لان السبب لو استجمع الى آخر ما اورده الشارح العلامة رحمهالله مع جوابه واوضحناه.
قوله : والجواب ان المؤثر الخ ـ فى هذا الجواب اشار الى الاقسام الخمسة : الدائمى التأدية بقسميه والاكثرى التأدية والمتساوى التأدية والاقلى التأدية.
تنبيه : قد قلنا فى الامر الثالث : ان نوع شيء بالقياس الى نوع شيء لان الشخص لا يأتى فيه هذه الاقسام لانه بالقياس الى غيره اما مستجمع لشرائط التأثير فيؤثر أم لا فلا ، ولعل هذا اى النظر الى شخص السبب منشأ خطاء منكرى الاتفاق بالمعنى الصحيح.
تنبيه آخر : قد وقع فى كلام الشيخ ابن سيناء لفظ البخت مع الاتفاق ، وهو اما مرادف له او اخص منه بالتقييد بكون الفاعل الاتفاقى ذا إرادة وكون الغاية ذا خطر من سعادة او شقاوة.