فيما الجماعة فيه من استفهام وافهام ساعة ثم فتح يده ونظر الثوب وموضع التفلة ساعة يقلبه ويتأمله ثم قال لبعض الحاضرين اقطع من هذه الشجرة نارنجة واحضرها وكان فى داره شجرة نارنج حاملة ففعل الرجل المأمور ذلك فلما احضر النارنجة قال للرجل الشاكى كل هذه فقال له ايها الحكيم متى كلته مت فقال ان اردت العافية فقد وصفتها لك فشرع الرجل واكل منها الى ان استنفدها فقال له امض وانظر ما يكون فى ليلتك فمضى الرجل ولما كان فى اليوم الثانى حضر وهو متألم فقال ما جرى لك قال ما نمت لكثرة ما نالنى من السعال فقال لاحد الجماعة احضر لى نارنجة من تلك الشجرة فاحضره اياها فقال للشاكى كلها أيضا فقال اذا اكلتها ما يبقى فى الموت شك فقال كلها فهى الدواء فاكل الرجل ومضى فلما كان فى اليوم الثالث جاء فسئله عن حاله فقال بتّ خير مبيت ولم اسعل فقال له برئت ولله الحمد واياك واكل النارنج بعدها ان تأكل بعدها نارنجة اخرى يحصل لك ما لا يرجى لك برئه وامره بما يستعمل فى المستقبل فلما قام من عنده سأله الجماعة عن السبب فقال اخذت تفلته فى الثوب الاطلس الاحمر واحميتها فى كفى ساعة ونظرت فيها هل بقى بعد ما تشرّبه الثوب مما تفل كالقشور والنخالة فلم اجده ولو وجدته دلنى على ان السعال قد قرح اما فى الرئة او فى الصدر وكلاهما صعب فلما لم اجد شيئا من ذلك علمت انه بلغم لزج زجاجى وقد لحج بقصبة الرئة وآلات التنفس فاردت جلائه من هناك وامرته بتناول النارنجة فلما عاد الى ووجد شدة علمت انها قد جلت وقطعت ما هناك ولم تستنفده فامرت بتناول الاخرى فجلت ما بقى فنهيته عن استعمال الاخرى لئلا يقرح الموضع بكثرة الجلاء فيقع فيما احترزنا منه فاستحسن الحاضرون ذلك من صناعته اللطيفة وكان الاطباء فى وقته يسألونه عن مسائل من الامراض فيجيب عنها بخطه فيسطرون ذلك عنه الى ان صار مؤلفا يتناقلونه بينهم وذكر ابن الزاغونى ان اسلام ابى البركات كان سببه انه كان فى صحبة السلطان محمود ببلاد الجبال وولى محمود ولاية العراق وكانت زوجته الخاتون بنت عمه سنجر وكان لها مكرما محبا معظما واتفق ان مرضت وماتت فجزع جزعا شديدا فلما عاين ابو البركات ذلك الجزع من محمود