منسوبون إليه.
قول المصنف : ولا يعقل غيره ـ هذا النزاع بين المعتزلة والاشاعرة من اطول النزاعات ذيلا وابشعها ذوقا واقلها فائدة ، ثم لا شبهة ان فى نفس المتكلم بالكلام المنتظم من الحروف شيئا من تصور او تصديق او إرادة او كراهة او إرادة اختبار او هزل او غير ذلك يتبعه الكلام ويقال لذلك الشيء مدلول الكلام كما يحصل فى نفس السامع شيء بذلك الكلام ، فالاشاعرة القائلون بالكلام النفسى ان اصطلحوا على وضع الكلام النفسى لتلك الامور التى هى ما يقع فى نفس المتكلم ويتبعه الكلام المنتظم من الحروف وسموه مدلول الكلام اللفظى كما هو ظاهر الشارح القديم فلا مشاحة معهم اذ النزاع يرجع حينئذ لفظيا لانهم سموا مدلول الكلام فى نفس المتكلم الّذي هو اما تصور او تصديق او إرادة او كراهة او غير ذلك كلاما نفسيا ، وان ارادوا ان فى النفس شيئا غير تلك الامور هو الكلام النفسى كما هو ظاهر بعضهم فهو خرص محض وجهل صرف اذ لم يظفر احد بماهيته ولا استدل على وجوده ، والى هذا اشار المصنف بقوله : ولا يعقل غيره اى غير المنتظم من الحروف.
قول الشارح : ومغاير لتخيل الحروف ـ تخيل الحروف قد يكون تابعا لها كتخيل السامع لها ، وقد يكون من دون التبعية بل يكون تخيلها نفس وجودها كتخيل الواضع لها ارتجالا ، وقد يكون متبوعا لها كتخيل المتكلم بها فان المتكلم يتخيل الحروف أولا ثم يلفظها ، فالاستدلال على المغايرة بكون التخيل تابعا للحروف ومختلفا باختلافها لا يفيد شيئا ، مع ان تخيل الحروف تابعا كان او متبوعا او لا تابعا ولا متبوعا ليس الا تصورها.
قوله : لان تخيلها تابع لها ـ وما فى النفس ليس بتابع لها بل متبوع فينتج من الشكل الثانى ان تخيلها ليس هو ما فى النفس ، وقد عرفت فساد هذا الدليل اذ تخيلها للمتكلم متبوع لها.
قوله : وهذا المعنى لا يختلف ـ هذا المعنى لم يبين ماهيته ولن تبين حتى يحكم بانه يختلف أو لا يختلف.