خالية فى حدّ ذاتها عن جميع الفعليات ، والاستعداد فى هذه المرتبة يسمى استعدادا بعيدا.
الثانية مرتبة العقل بالملكة وهى مرتبة حصول بعض الضروريات او كلها على اختلاف الاستعدادات ، ولا يخفى ان النظريات متوقفة على الضروريات لكن لا كلها على كلها بل فى الاكثر تحصل ضروريات وبسببها تحصل نظريات ثم تحصل بعد ذلك ضروريات اخرى ، نعم ان الضرورى لا يتوقف على النظرى بل الامر بالعكس ، وسميت به لان النفس خرجت من عدم العلم الى ملكته او خرجت من عدم الانتقال الى النظريات الى ملكته او حصلت لها فى هذه المرتبة كيفية نفسانية راسخة هى العلوم الضرورية والكيفية النفسانية الراسخة تسمى ملكة كما مر فى المسألة الحادية عشرة ، والنفوس فى هذه المرتبة اى فى ان ترتب الضروريات وتستنتج منها النظريات مختلفة وهذا الاختلاف لا يختصّ بترتيب الضروريات واستنتاج النظريات بل يأتى فى ترتيب النظريات المعلومة لاستنتاج النظريات المجهولة أيضا وبالجملة هذا الاختلاف هو فى استنتاج المجهولات من المعلومات ، فنفس لا تقدر على الاستنتاج اصلا وصاحبها البليد الملحق بالحمار ، ونفس لا تعجز عن استنتاج ولا تغفل عن استنتاج ولا تخطى فى استنتاج وسريعة كمال السرعة فى كل استنتاج وصاحبها العالم الربانى الإلهى صاحب القوة القدسية الملكوتية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ، وبينهما النفوس المختلفة اختلافا كثيرا ، وللنفس فى هذه المرتبة الثانية فعلية واستعداد ، فعلية العلوم الضرورية واستعداد ادراك النظريات ، وهذا الاستعداد يسمى استعدادا متوسطا.
المرتبة الثالثة مرتبة حصول النظريات ، وللنفس فى هذه المرتبة شأنان شأن الحضور وشأن الاستحضار ، والاول هو ان تكون النظريات الحاصلة حاضرة عند النفس تشاهدها كمشاهدة البصر المبصر ، والنفس فى هذه المرتبة بهذا الاعتبار تسمى عقلا مستفادا اذ هى استفادت هذه المرتبة وهذا المقام العقلى من العقل الفعال والثانى ان تكون النظريات الحاصلة المكتسبة غائبة عن النفس ولكنها تقتدر على