لثبوت الاول ووحدانيته وبراءته عن الصمات الى تامل لغير نفس الوجود ولم يحتج الى اعتبار من خلقه وفعله وان كان ذلك دليلا عليه ، لكن هذا الباب اوثق واشرف ، اى اذا اعتبرنا حال الوجود يشهد به الوجود من حيث هو وجود ، وهو يشهد بعد ذلك على سائر ما بعده فى الوجود ، والى مثل هذا اشير فى الكتاب الكريم : سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق ، اقول : ان هذا حكم لقوم ، ثم يقول : او لم يكف بربك انه على كل شيء شهيد ، اقول : ان هذا حكم للصديقين الذين يستشهدون به لا عليه ، انتهى.
ثم تبعه غيره من بعده فى تسمية هذه الحجة بطريقة الصديقين ، لكن المولى صدرا قال فى اوّل إلهيات الاسفار : ان هذا المسلك اقرب المسالك الى منهج الصديقين ، وليس بذاك كما زعم لان هناك ( اى منهج الصديقين ) يكون النظر الى حقيقة الوجود وهاهنا يكون النظر فى مفهوم الوجود ، وحاصله ان النظر فى مفهوم الوجود والموجودية يعطى انه لا يمكن تحققه الا بالواجب اذ لو انحصر الموجود فى الممكن لم يتحقق موجود اصلا انتهى كلامه ، وذكر منهجا آخر سماه منهج الصديقين.
اقول : ليس الامر كما قال لان النظر فى مفهوم الوجود من حيث هو مفهوم حاصل فى الذهن كيف يعطى انه لا يمكن تحققه الا بالواجب من دون الانتقال من المفهوم الى الحقيقة ، فحقيقة الوجود لا بد ان تكون ملحوظة فى هذا الحكم كما هو مصرح به فى البيانات التى ذكرناها والكلمات التى نقلناها ، بل الحق ان هذا الحكم الفطرى ليس الا لاحتفاف حقيقة الوجود بشراشر كل موجود.
وسمى صاحب الشوارق والشارح الأسفرايني والحكيم السبزوارى هذا المنهج بمنهج الإلهيين.
قال صاحب الشوارق : واعلم ان هذا المنهج اعنى منهج الإلهيين هو اوثق المناهج واقواها واتمها واهديها واقلها مئونة واكثرها معونة ، ويشبه ان يكون طريق الصديقين الذين هم يستشهدون بالحق لا عليه لكونه نظرا فى الوجود وهو عين حقيقته تعالى ، فيغنى