لم يذكروا تعريف المتكلمين لان العالم باعتبار صدوره عنه تعالى واجب عندهم وان كان ممكنا نظرا الى ذاته.
اذا تحققت ذلك فاعلم ان ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى فى تلخيص المحصل من قوله : اعلم ان القادر هو الّذي يصح ان يصدر عنه الفعل وان لا يصدر ؛ وهذه الصحة هى القدرة ، والفلاسفة لا ينكرون ذلك ، وكذا ما ذكره صاحب الشوارق رحمه الله تعالى من قوله : واما القدرة بمعنى كونه تعالى بحيث يصح منه فعل العالم وتركه بالنظر الى ذاته تعالى او بمعنى كونه بحيث ان شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل فمتفق عليه بين الفريقين لا يوافق ما ذكر فى كتب الفريقين ولا قول المصنف نفسه فى تلخيص المحصل فى آخر المسألة الاولى من مبحث خواص القديم والمحدث حيث قال : اختلفوا أيضا فى معنى الاختيار فان الفلاسفة يطلقون اسم المختار على الله تعالى ، لكن لا بالمعنى الّذي يفسر المتكلمون الاختيار به ، وذلك انهم يقولون بوجوب صدور الفعل عنه تعالى دائما ، والمتكلمون ينفون دوام الصدور عنه ، ويقول بعضهم بوجوب الصدور نظرا الى قدرته وارادته ، وينفى بعضهم وجوب الصدور عنه اصلا ، ويقولون انه تعالى يختار احد الطرفين المتساويين على الاخر لا لمرجح انتهى.
والحاصل ان من نظر فى كلمات الفريقين لا يرتاب فى ان الفلاسفة يقولون بوجوب صدور العالم عنه تعالى على النظام العلى والمعلولى المذكور فى كتبهم لانه تعالى تام الفاعلية وتخلف الاثر وامكان صدوره عن الفاعل التام ممتنع ، ولازم ذلك ازلية العالم وابديته ، وامتناع الفناء عليه ، وامتناع التغير والتحول فيه عما هو عليه الا ما يقع تحت الحركة والزمان من الماديات ، وامتناع انتهاء وجود ما هو مقتضى العقل العاشر او ارباب الانواع من الانواع الكائنة الفاسدة فى عالم المادة ، وامتناع الدار الآخرة على النحو الّذي ورد فى كلمات الوحى ، وامتناع بعض المعجزات المنقولة عن نبينا صلىاللهعليهوآله والأنبياء السالفين سلام الله عليهم اجمعين ، وامتناع المحو والاثبات عن الواح السماوية الملكوتية ، وامتناع الموت على الملائكة الذين يقول الحكماء انهم هم العقول الكلية التى اثبتناها ، وامتناع وجود الجنة ودخول عباد الله فيها فى خارج