لائحة واشارات لطيفة يهتدى الطالب بالتأمل فيها الى صفوة الحقيقة ولب المعرفة.
لكن العمدة فى المقام ما قيل وحقا قيل : ان من تزملت فطرته باغشية الشهوات والعادات ومحبة ما ارتسم فى نفسه من رسوم الآباء والامهات وتكدر عقله من اشتغاله بالفانيات الداثرات واترافه فى اللذات الحسيات وفيما يصرفه عن الباقيات الصالحات لم ينفعه عقلى ولا سمعى ، بل وان دخل فى المباحث العلمية لم يزد فى روحه الا تحيرا ولا فى نفسه الا عجبا وتكبرا ولا عند جلسائه الا جدالا سيئا ومراء ولا من الله عز وجل الا بعدا ومقتا.
قول الشارح. انه تعالى فعل الافعال المحكمة ـ اما انه تعالى فعل الافعال فلا مرية فيه بعد ان ثبت كونه واجبا وما سواه ممكن ، واما انها محكمة فقد قالوا فى معنى الاحكام كلمات لا تخلو عن الايراد والنقاش ، والحق فيه ان يقال ، ان الاحكام هو كون المصنوع بحيث يترتب عليه ما اراده الصانع ان يترتب عليه من دون زيادة ونقصان وكان على الحد الّذي ينبغى ان يكون عليه ، ونحن اذا تاملنا فى كل مصنوع فى العالم وجدناه كذلك.
قول الشارح. وكل من كان كذلك فهو عالم ـ صرح الشارح العلامة كغيره بضرورية هذه المقدمة ، وذلك حق ، وقد ينبه عليها بامثلة كما ان من راى خطوطا منتظمة او سمع الفاظا فصيحة تنبئ عن معان دقيقة واغراض صحيحة لم يشك فى انها صادرة عن علم ورويّة لا محالة.
ثم ان صاحب الشوارق اورد اشكالا ونقضا على هذه المقدمة فاجاب عنهما ، يوجب مزيد التنبيه ، من اراده فليراجع.
والحاصل انا استدللنا باحكام الصنع على علم الصانع بفعله وذلك يستلزم علمه بنفسه لانه يعلم انه يفعله فهذا الدليل عام من جهة علمه بنفسه وبغيره.
قول الشارح. يأتى فيما بعد ـ فى المسألة الثانية عشرة وما بعدها.
قول الشارح. واما ان كل مجرد عالم بغيره ـ قد مر بيان هذا المطلب مشروحا فى آخر مبحث العلم من مباحث الاعراض.