القمر يقبل نحو الزيادة والنقصان والطلوع والافول والانارة والكسوف والى الشمس تقبل نحو تنوير الارض وما عليها وتسخينها ،
والحاصل ان كل موجود يقبل عند كمال الشرائط نحو ما يمكن ان يصدر عنه من الاثر ليتحصل ذلك فى العين محدودا بحد متميزا عن اصله فذلك المحدود الواقع فى الخارج فعله وذلك الاقبال ارادته ، فيقال : اراد ففعل ، وان كان الاثر باعتبار انسلاخه عن حده كان مع اصله غير متميز عنه والا لم يحصل منه ، وتخصص الفعل والاثر بحده الّذي حد به اما بعلمه السابق ان كان من ذوى العلم والشعور واما بتسخيره تحت تصرف ذى علم من اصحاب الملكوت ان لم يكن. فان تخصيص الفعل بحد لائق يناسب حكمة الكون يمتنع من دون العلم.
ثم ان تسمية ذلك الاقبال الّذي هو حقيقة الإرادة بالفعل والصنع والانشاء والاحداث والتأثير وما يرادف ذلك صحيح كتسمية ما صدر عنه محدودا بالاثر والمحدث والمنشأ والمصنوع والمفعول ، وقد يطلق الإرادة فى العرف ويراد بها العزم على الفعل فى وقته اللائق ، وهى بهذا المعنى غير ما نحن بصدد بيانه.
ثم قد ظهر مما بينا ان مضمون كلام المصنف وغيره : ان المخصص لا بدّ منه فى الايجاد وليس ذلك الا الداعى الّذي هو علم الفاعل بالفعل بما فيه من الخصوصية حق لانك قد عرفت ان المخصص هو العلم السابق لا غير ذلك ، لكن تسميته بالارادة مخالف لما يفهم اهل كل عرف من هذه اللفظة ومخالف لمفهوم الإرادة الّذي اخذ من حقيقتها ووضع له تلك اللفظة لان حقيقتها ما ذكرنا ومفهومها عند اهل كل لسان ينطبق عليها.
فالحق ان الإرادة بحسب المفهوم المنطبق على حقيقتها هى اقبال الشيء نحو ما عنده ويمكن ان يصدر عنه ليتحصل فى الخارج متميزا عنه محدودا بحد كان فى وسعه شعر ذلك الشيء به او لم يشعر مع وجوب شعور ما يخصصه ، وذلك الاقبال احداث باعتبار اضافة تفرع الاثر الخارج فى الخارج عليه.
اذا عرفت ذلك كله فاعلم ان الله تعالى منزه غنى فى ارادته عما يحتاج غيره إليه فى ارادته وليس على ارادته سابقة الا علمه الذاتى المخصص لفعله ومشيته التى هى نور